كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

3-(وعن حمنة) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم فنون (بنت جحش) بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة فشين معجمة، هي أخت زينب أم المؤمنين، وامرأة طلحة بن عبد الله (قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة). في سنن أبي داود: بيان لكثرتها قالت: "إنما أثج ثجاً"، (فأتيت النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أستفتيه فقال: "إنما هي ركضة من الشيطان" ، معناه: أن الشيطان قد وجد سبيلاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها، حتى أنساها عادتها، وصارت في التقدير كأنها ركضه منه، ولا ينافي ما تقدم: من أنه: عرق يقال له: العاذل؛ لأنه يحمل على أن الشيطان ركضه حتى انفجر، والأظهر: أنها ركضة منه حقيقة، إذ لا مانع من حملها عليه "فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين" إن كانت أيام الحيض ستة "أو ثلاثة وعشرين" إن كانت أيام الحيض سبعة "وصومي وصلي" أي ما شئت من فريضة، وتطوع ( "فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي" فيما يستقبل من الشهور، ولفظ أبي داود: "فافعلي كل شهر" (كما تحيض النساء) في سنن أبي داود زيادة: "وكما يطهرن: ميقات حيضتهن وطهرهن" . فيه: الرد لها إلى غالب أحوال النساء (فإن قويت) أي قدرت ( على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ) هذا لفظ أبي داود وقوله "وتعجلي العصر" يريد أن تؤخري الظهر: أي فتأتي بها في آخر وقتها قبل خروجه، وتعجلي العصر فتأتي به في أول وقته، فتكون قد أتت بكل صلاة في وقتها وجمعت بينهما جمعاً صورياً ( ثم تغتسلي حين تطْهُرين ). هذا اللفظ ليس في سنن أبي داود، بل لفظه هكذا: "فتغسلين فتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر" أي جمعاً صورياً، كما عرفت ( وتصلي الظُّهْر والعصر جميعاً ) هذا غير لفظ أبي داود، كما عرفت ( ثمَّ تؤخرين المغْربَ والعشاء ) لفظ أبي داود: "وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء" وما كان يحسن من المصنف حذف ذلك كما عرفت ( ثمَّ تَغْتسلين وتجمعين بين الصَّلاتيْن فافْعلي وتغتسلين مع الصبح وتصلين، قال) أي النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ( وهو أعجب الأمرين إليَّ ) ظاهره: أنه من كلامه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. إلا أنه قال أبو داود: رواه عمر بن ثابت عن ابن عقيل قال: فقالت حمنة: "هذا أعجب الأمرين إلي" لم يجعله من قول النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وحسنه البخاري).
قال المنذري في مختصر سنن أبي داود، قال الخطابي: قد ترك بعض العلماء القول بهذا الحديث؛ لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك، وقال أبو بكر البيهقي: تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج به، هذا اخر كلامه. وقد أخرجه الترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي، هذا حديث حسن صحيح: وقال أيضاً: وسألت محمداً يعني: البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن. وقال أحمد: هو حديث حسن صحيح اهـ. فعرفت أن القول: بأنه حديث غير صحيح، بل قد صححه الأئمة. وقد عرفت مما سقناه من لفظ رواية أبي داود: أن المصنف نقل غير لفظ أبي داود من ألفاظ أحد الخمسة، ولكن لا بد من تقييد ما أطلقته

الصفحة 102