كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

وذلك أنه وإن كان لفظه نفيا فهو في معنى النهي وأصل النهي التحريم قال الترمذي أجمع أهل العلم على كراهة أن يصلي الرجل بعد الفجر إلا ركعتي الفجر قال المصنف دعوى الترمذي الإجماع عجيب فإن الخلاف فيه مشهور حكاه ابن المنذر وغيره وقال الحسن البصري لا بأس بها وكان مالك يرى أن يفعل من فاتته الصلاة في الليل والمراد ببعد الفجر بعد طلوعه كما دل له قوله وفي رواية عبد الرزاق أي عن ابن عمر "لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر" وكما يدل له قوله
25- (ومثله للدارقطني عن عمرو بن العاص فإنهما فسرا المراد ببعد الفجر وهذا وقت سادس من الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها وقد عرفت الخمسة الأوقات مما مضى إلا أنه قد عارض النهي عن الصلاة بعد العصر الذي هو أحد الستة الأوقات
26- (وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم دخل بيتي فصلى ركعتين فسألته في سؤالها ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلهما قبل ذلك عندها أو أنها قد كانت علمت بالنهي فاستنكرت مخالفة الفعل له " فقال شغلت عن ركعتين بعد الظهر" قد بين الشاغل له صلى الله عليه وسلم أنه أتاه ناس من عبد القيس وفي رواية عن ابن عباس عند الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر "فصليتهما الآن" أي قضاء عن ذلك وقد فهمت أم سلمة أنهما قضاء فلذا قالت "قلت أفنقضيهما إذا فاتتا" أي كما قضيتهما في هذا الوقت قال: "لا" أي لا تقضوهما في هذا الوقت بقرينة السياق وإن كان النفي غير مقيد أخرجه أحمد إلا أنه سكت عليه المصنف هنا وقال بعد سياقه له في فتح الباري إنها رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة ولم يبين هنالك وجه ضعفها وما كان يحسن منه أن يسكت هنا عما قيل فيه والحديث دليل على ما سلف من أن القضاء في ذلك الوقت كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم وقد دل على هذا حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال أخرجه أبو داود ولكن قال البيهقي الذي اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على الركعتين بعد العصر لا أصل القضاء اهـ ولا يخفى أن حديث أم سلمة المذكور يرد هذا القول ويدل على أن القضاء خاص به أيضا وهذا الذي أخرجه أبو داود هو الذي أشار إليه المصنف بقوله
27- (و لأبي داود عن عائشة رضي الله عنها بمعناه) تقدم الكلام فيه
باب الأذان
...
باب الأذان
الأذان لغة الإعلام قال الله تعالى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه}
وشرعا الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة وكان فرضه بالمدينة في السنة الأولى من الهجرة ووردت أحاديث تدل على أنه شرع بمكة والصحيح الأول
1- ( عن عبد الله بن زيد هو أبو محمد عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري

الصفحة 118