كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

المجلد الأول
كتاب الطهارة
كتاب الطهارة
...
سبل السلام شرح بلوغ المرام
تأليف: محمد بن اسماعيل الصنعاني
كتاب الطهارة
الكتاب والطهارة في الأصل: مصدران أضيفا وجعلا اسماً لمسائل من مسائل الفقه، تشتمل على مسائل خاصة.
وبدأ بالطهارة اتباعاً لسنة المصنفين في ذلك، وتقديماً للأمور الدينية على غيرها، واهتماماً بأهمها وهي الصلاة. ولما كانت الطهارة شرطاً من شروطها بدأ بها، وهي هنا اسم مصدر: أي طهر تطهيراً وطهارة، مثل: كلم تكليماً وكلاماً.
وحقيقتها: استعمال المطهرَيْن: أي الماء والتراب، أو أحدهما، على الصفة المشروعة في إزالة النجس، والحدث؛ لأن الفقيه إنما يبحث عن أحوال المكلفين من الوجوب وغيره.
ثم لما كان الماء هو المأمور بالتطهّر به أصالة قدمه فقال:
باب المياه
...
باب المياه
الباب لغة: ما يدخل ويخرج منه. قال تعالى: {ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ} {وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} - وهو هنا مجاز؛ شبه الدخول إلى الحوض في مسائل مخصوصة بالدخول في الأماكن المحسوسة، ثم أثبت لها الباب.
والمياه: جمع ماء، وأصله: موه ولذا ظهرت الهاء في جمعه، وهو جنس يقع على القليل والكثير، إلا أنه جمع لاختلاف أنواعه باعتبار حكم الشرع، فإن فيه ما ينهى عنه وفيه ما يكره. وباعتبار الخلاف أيضاً في بعض المياه كماء البحر، فإنه نقل الشارح الخلاف في التطهّر به عن ابن عمر، وابن عمرو.
وفي النهآية: أن في كون ماء البحر مطهّراً خلافاً لبعض أهل الصدر الأول، وكأنه لقدم الخلاف فيه بدأ المصنف بحديث يفيد طهوريته، وهو حجة الجماهير.
1- (عن أبي هريرة رضي الله عنه) الجار والمجرور متعلّق بمقدر كأنه قال: باب المياه أروي فيه، أو أذكر، أو نحو ذلك حديثاً عن أبي هريرة. وهو الأول من أحاديث الباب.
وأبو هريرة هو الصحابي الجليل الحافظ المكثر، واختلف في اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولاً. قال ابن عبد البر: الذي تسكن النفس إليه من الأقوال: أنه عبد الرحمن بن صخر، وبه قال محمد بن إسحاق. وقال الحاكم أبو أحمد: ذكر لأبي هريرة في مسند بقي بن مخلد خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثاً. وهو أكثر الصحابة حديثاً، فليس لأحد من الصحابة هذا القدر، ولا ما يقاربه. قلت: كذا في الشرح. والذي رأيته في الاستيعاب، لابن عبد البر بلفظ: إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في الإسلام ثم قال فيه: أي الاستيعاب. مات في المدينة سنة تسع وخمسين وهو ابن ثمان وسبعين سنة، ودفن بالبقيع. وقيل: مات بالعقيق، وصلى عليه الوليد بن عقبة بن أبي سفيان، وكان يومئذ أميراً على المدينة، كما قاله ابن عبد البر.
(قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في البحر ) أي: في حكمه، والبحر: الماء الكثير، أو المالح فقط كما في القاموس، وهذا اللفظ ليس من

الصفحة 14