كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

فعل ذلك بغير تعب كما يفيده قوله في تفسيره فإذا تعبوا إلا أنه يخالفه تفسير النهاية فإنه قال أراد أنهم يأتون ومعهم أعمال صالح يتكئون عليها وفي القاموس الخاصرة الشاكلة وما بين الحرقفة والقصيري وفسر الحرقفة بعظم الحجبة أي رأس الورك وهذا التفسير الذي ذكره المصنف عليه الأكثر وقيل الاختصار في الصلاة هو أن يأخذ بيده عصا يتوكأ عليها وقيل أن يختصر السورة ويقرأ من آخرها اية أو ايتين وقيل أن يحذف من الصلاة فلا يمد قيامها وركوعها وسجودها وحدودها والحكمة في النهي عنه بينها قوله
2- ( وفي البخاري عن عائشة أن ذلك أي الاختصار في الصلاة فعل اليهود في صلاتهم وقد نهينا عن التشبه بهم في جميع أحوالهم فهذا وجه حكمة النهي لا ما قيل إنه فعل الشيطان أو أن إبليس أهبط من الجنة كذلك أو إنه فعل المتكبرين لأن هذه علل تخمينية وما ورد منصوصا أي عن الصحابي هو العمدة لأنه أعرف بسبب الحديث ويحتمل أنه مرفوع وما ورد في الصحيح مقدم على غيره لورود هذه الأشياء أثرا وفي ذكر المصنف للحديث في باب الخشوع ما يشعر بأن العلة في النهي عن الاختصار أنه ينافي الخشوع
3- (وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:: إذا قدم العشاء : ممدود كسماء طعام العشي كما في القاموس "فابدأوا به" أي بأكله "قبل أن تصلوا المغرب" متفق عليه وقد ورد بإطلاق لفظ الصلاة قال ابن دقيق العيد فيحمل المطلق على المقيد وورد بلفظ إذا وضع العشاء وأحدكم صائم فلا يقيد به لما عرف في الأصول من أن ذكر حكم الخاص الموافق لا يقتضي تقييدا ولا تخصيصا والحديث دال على إيجاب تقديم أكل العشاء إذا حضر على صلاة المغرب والجمهور حملوه على الندب وقالت الظاهرية بل يجب تقديم أكل العشاء فلو قدم الصلاة لبطلت عملا بظاهر الأمر ثم الحديث ظاهر في أنه يقدم العشاء مطلقا سواء كان محتاجا إلى الطعام أو لا وسواء خشي فساد الطعام أو لا وسواء كان خفيفا أو لا وفي معنى الحديث تفاصيل أخر بغير دليل بل تتبعوا علة الأمر بتقديم الطعام فقالوا هو تشويش الخاطر بحضور الطعام وهو يفضي إلى ترك الخشوع في الصلاة وهي علة ليس عليها دليل إلا ما يفهم من كلام بعض الصحابة فإنه أخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة وابن عباس أنهما كانا يأكلان طعاما وفي التنور شواء فأراد المؤذن أن يقيم الصلاة فقال له ابن عباس لا تعجل لا نقوم وفي أنفسنا منه شيء وفي رواية لئلا يعرض لنا في صلاتنا وله عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوامة ففي هذه الآثار إشارة إلى التعليل بما ذكر ثم هذا إذا كان الوقت موسعا واختلف إذا تضيق بحيث لو قدم أكل العشاء خرج الوقت فقيل يقدم الأكل وإن خرج الوقت محافظة على تحصيل الخشوع في الصلاة قيل وهذا على قول من يقول بوجوب الخشوع في الصلاة وقيل بل يبدأ بالصلاة محافظة على حرمة الوقت وهو قول الجمهور من العلماء وفيه أن حضور الطعام عذر في ترك الجماعة عند من أوجبها وعند غيره قيل وفي قوله "فابدأوا" ما يشعر بأنه إذا كان حضور الصلاة وهو

الصفحة 148