كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

لا صلاة لمن لم يقرأ بها" فإنه دليل على إيجاب قراءة الفاتحة خلف الإمام تخصيصا كما دل اللفظ الذي عند الشيخين بعمومه وهو أيضا ظاهر في عموم الصلاة الجهرية والسرية وفي كل ركعة أيضا وإلى هذا ذهب الشافعية وذهبت الهادوية إلى أنه لا يقرؤها المؤتم خلف إمامه في الجهرية إذا كان يسمع قراءته ويقرؤها في السرية وحيث لا يسمع في الجهرية وقالت الحنفية لا يقرؤها المأموم في سرية ولا جهرية وحديث عبادة حجة على الجميع واستدلالهم بحديث "من صلى خلف الإمام فقراءة الإمام قراءة له" مع كونه ضعيفا قال المصنف في التلخيص بأنه مشهور من حديث جابر وله طرق عن جماعة من الصحابة كلها معلومة انتهى وفي المنتهى رواه الدارقطني من طرق كلها ضعاف والصحيح أنه مرسل لا يتم به الاستدلال لأنه عام لأن لفظ قراءة الإمام اسم جنس مضاف يعم كل ما يقرؤه الإمام وكذلك قوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وحديث "إذا قرأ فأنصتوا" فإن هذه عمومات في الفاتحة وغيرها وحديث عبادة خاص بالفاتحة فيختص به العامة ثم اختلف القائلون بوجوب قراءتها خلف الإمام فقيل في محل سكتاته بين الآيات وقيل في سكوته بعد تمام قراءة الفاتحة ولا دليل على هذين القولين في الحديث بل حديث عبادة دال أنها تقرأ عند قراءة الإمام الفاتحة ويزيده إيضاحا ما أخرجه أبو داود من حديث عبادة أنه صلى خلف أبي نعيم وأبو نعيم يجهر بالقراءة فجعل عبادة يقرأ بأم القران فلما انصرفوا من الصلاة قال لعبادة بعض من سمعه يقرأ سمعتك تقرأ بأم القران وأبو نعيم يجهر قال أجل صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة قال فالتبست عليه القراءة فلما فرغ أقبل علينا بوجهه فقال هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة فقال بعضنا نعم إنا نصنع ذلك قال فلا وأنا أقول "مال ينازعني القران فلا تقرءوا بشيء إذا جهرت إلا بأم القران" فهذا عبادة راوي الحديث قرأ بها جهرا خلف الإمام لأنه فهم من كلامه صلى الله عليه وسلم أنه يقرأ بها خلف الإمام جهرا وإن نازعه وأما أبو هريرة فإنه أخرج عنه أبو داود أنه لما حدث بقوله صلى الله عليه وسلم "من صلى صلاة لا يقرأ فيها بأم القران فهي خداج فهي خداج فهي خداج" غير تمام قال له الراوي عنه وهو أبو السائب مولى هشام بن زهرة يا أبا هريرة إني أكون أحيانا وراء الإمام فغمز ذراعه وقال اقرأ بها يا فارسي في نفسك الحديث وأخرج عن مكحول أنه كان يقول اقرأ في المغرب والعشاء والصبح بفاتحة الكتاب وفي كل ركعة سرا ثم قال مكحول اقرأ بها فيما جهر به الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت سرا فإن لم يسكت قرأتها قبله ومعه وبعده لا تتركها على حال وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أنه أمره صلى الله عليه وسلم أن ينادي في المدينة أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد وفي لفظ إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب فما زاد إلا أنه يحمل على المنفرد جمعا بينه وبين حديث عبادة الدال على أنه لا يقرأ خلف الإمام إلا بفاتحة الكتاب
14- (وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر

الصفحة 171