كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ ووافقه الشعبي على ذلك وروي عن ابن عمر أنه لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر وجمع بين قوله وفعله على الطهارة من الحدث الأكبر قلت والأصل إنه لا يشترط الطهارة إلا بدليل وأدلة وجوب الطهارة وردت للصلاة والسجدة لا تسمى صلاة فالدليل على من شرط ذلك وكذلك أوقات الكراهة ورد النهي عن الصلاة فيها فلا تشمل السجدة الفردة وهذا الحديث دل على السجود للتلاوة في المفصل ويأتي الخلاف في ذلك ثم رأيت لابن حزم كلاما في شرح المحلي لفظه السجود في قراءة القرآن ليس ركعة أو ركعتين فليس صلاة وإذا كان ليس صلاة فهو جائز بلا وضوء وللجنب والحائض القبلة كسائر الذكر ولا فرق إذ لا يلزم الوضوء إلا للصلاة ولم يأت بإيجابه لغير الصلاة قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس فإن قيل السجود من الصلاة وبعض الصلاة صلاة قلنا والتكبير بعض الصلاة والجلوس والقيام والسلام بعض الصلاة فهل يلتزمون أن لا يفعل أحد شيئا من هذه الأفعال والأقوال إلا وهو على وضوء هذا لا يقولونه ولا يقوله أحد
11- (وعن ابن عباس رضي الله عنه قال ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها" رواه البخاري أي ليست مما ورد في السجود فيها أمر ولا تحريض ولا تخصيص ولا حث وإنما ورد بصيغة الإخبار عن داود عليه السلام بأنه فعلها وسجد نبينا صلى الله عليه وسلم فيها اقتداء به لقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وفيه دلالة على أن المسنونات قد يكون بعضها آكد من بعض وقد روي أنه قال صلى الله عليه وسلم سجدها داود توبة وسجدناها شكرا وروى ابن المنذر وغيره بإسناد حسن عن علي بن أبي طالب عليه السلام إن العزائم حم والنجم واقرأ وألم تنزيل وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر وقيل في الأعراف وسبحان وحم وألم أخرجه ابن أبي شيبة
12- (وعنه أي ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم" رواه البخاري هو دليل على السجود في المفصل كما أن الحديث الأول دليل على ذلك وقد خالف فيه مالك وقال لا سجود لتلاوة في المفصل وقد قدمنا لك الخلاف في أول الفصل محتجا بما روي عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة أخرجه أبو داود وهو ضعيف الإسناد وفيه أبو قدامة واسمه الحارث بن عبد الله إيادي بصري لا يحتج بحديثه كما قال الحافظ المنذري في مختصر السنن ومحتجا أيضا بقوله
13- ( وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد فيها" متفق عليه وزيد بن ثابت من أهل المدينة وقراءته بها كانت في المدينة قال مالك فأيد حديث ابن عباس وأجيب عنه بأن ترك السجود تارة وفعله تارة دليل السنية أو لمانع عارض ذلك ومع ثبوت حديث زيد فهو ناف وحديث غيره وهو ابن عباس مثبت والمثبت
14- (وعن خالد بن معدان رضي الله عنه بفتح الميم وسكون العين المهملة وتخفيف الدال وخالد هو أبو عبد الله بن معدان الشامي الكلاعي بفتح الكاف تابعي من أهل حمص

الصفحة 209