كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

أبو داود والترمذي.
والعمل بالحديث هو رأي الهادوية والشافعي لدلالة الحديث على ذلك، فلو خللها لم تحل، ولم تطهر، وظاهره بأي علاج كان، ولو بنقلها من الظل إلى الشمس أو عكسه، وقيل: تطهر وتحل. وأما إذا تخللت بنفسها من دون علاج فإنها طاهرة حلال. إلا أنه قال في البحر: إن أكثر أصحابنا يقولون: إنها لا تطهر، وإن تخللت بنفسها من غير علاج.
واعلم أنّ للعلماء في خل الخمر ثلاثة أقوال:
الأول: أنها إذا تخللت الخمر بغير قصد حل خلها، وإذا خللت بالقصد حرم خلها.
الثاني: يحرم كل خل تولد عن خمر مطلقاً.
الثالث: أن الخل حلال مع تولده من الخمر سواء قصد أم لا، إلا أن فاعلها اثم إن تركها بعد أن صارت خمراً، عاص لله مجروح العدالة؛ لعدم إراقته لها حال خمريتها، فإنه واجب كما دل له حديث أبي طلحة. لكن قال في الشرح: يحل الخل الكائن عن الخمر، فإنه خل لغة وشرعاً.
وقيل: وجعل التخلل أيضاً من دون تخمر في صور. منها: إذا صب في إناء معتق بالخل عصير عنب فإنه يتخلل ولا يصير خمراً. ومنها: إذا جردت حبات العنب من عناقيدها، وملىء منها الإناء، وختم رأس الإناء بطين أو نحوه فإنه يتخلل ولا يصير خمراً. ومنها: إذا عصر أصل العنب، ثم ألقي عليه قبل أن يتخلل مثلاه خلاً صادقاً، فإنه يتخلل، ولا يصير خمراً أصلاً.
2- (وعنه) أي: عن أنس بن مالك (قال: لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أبا طلحة فنادى :" إن الله ورسوله ينهيانكم" بتثنية الضمير لله تعالى ولرسوله.
وقد ثبت أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال للخطيب الذي قال في خطبته: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما الحديث: "بئس خطيب القوم أنت" لجمعه بين ضمير الله تعالى وضمير رسوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وقال: قل: "ومن يعص الله ورسوله" . فالواقع هنا يعارضه، وقد وقع أيضاً في كلامه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم التثنية بلفظ: " أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" .
وأجيب بأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم نهى الخطيب؛ لأن مقام الخطابة يقتضي البسط والإيضاح، فأرشده إلى أنه يأتي بالاسم الظاهر، لا بالضمير، وأنه ليس العتب عليه من حيث جمعه بين ضميره تعالى وضمير رسوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. والثاني أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم له أن يجمع بين الضميرين وليس لغيره لعلمه بجلال ربه وعظمة الله.
"عن لحوم الحمر الأهلية" كما يأتي "فإنها رجس" متفق عليه) وحديث أنس في البخاري: "أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم جاءه جاء فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أفنيت الحمر، فأمر منادياً ينادي :" إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية؛ فإنها رجس، فأكفئت القدور، وإنها لتفور بالحمر" .
والنهي عن لحوم الحمر الأهلية ثابت في حديث علي عليه السلام، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وابن أبي أوفى، والبراء، وأبي ثعلبة، وأبي هريرة، والعرباض بن سارية، وخالد بن الوليد، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والمقدام بن معديكرب، وابن عباس، وكلها ثابتة في دواوين الإسلام، وقد ذكر من أخرجها في الشرح. وهي دالة على تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية، وتحريمها هو قول الجماهير من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم؛ لهذه الأدلة.
وذهب ابن عباس إلى عدم تحريم الحمر الأهلية؛ وفي

الصفحة 35