كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

وليَاليَهُنَّ للمُسافر ويوماً وليلة للمُقيم يعني في المسح على الخفين ) هذا مدرج من كلام علي، أو من غيره من الرواة (أخرجه مسلم)، وكذلك أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن حبان.
والحديث دليل على توقيت المسح على الخفين للمسافر، كما سلف في الحديث قبله، ودليل على مشروعية المسح للمقيم أيضاً، وعلى تقدير زمان إباحته بيوم وليلة للمقيم. وإنما زاد في المدة للمسافر؛ لأنه أحق بالرخصة من المقيم؛ لمشقة السفر.
6- (وعن ثوبان) بفتح المثلثة تثنية ثوب، وهو أبو عبد الله، أو أبو عبد الرحمن. قال ابن عبد البر: والأول أصح. ابن بجدد بضم الموحدة وسكون الجيم وضم الدال المهملة الأولى. وقيل: ابن جحدر بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة فدال مهملة فراء، وهو من أهل السراة موضع بين مكة والمدينة، وقيل: من حمير أصابه سبي، فشراه رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فأعتقه، ولم يزل ملازماً لرسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم سفراً وحضراً، إلى أن توفي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، فنزل الشام، ثم انتقل إلى حمص، فتوفي بها سنة أربع وخمسين.
(قال: بعث رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم سرية، فأمرهُم أنْ يَمْسَحُوا على العَصَائب، يعني العَمائم) سميت عصابة لأنه يعصب بها الرأس (والتساخين) بفتح المثناة بعدها سين مهملة وبعد الألف خاء معجمة فمثناة تحتية فنون جمع تسخان. قال في القاموس: التساخين: المراجل الخفاف، وفسرها الراوي بقوله: (يعني الخفاف) جمع خف. والظاهر أنه وما قبله في قوله: يعني العمائم مدرج في الحديث من كلام الراوي (رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الحاكم).
ظاهر الحديث: أنه يجوز المسح على العمائم كالمسح على الخفين، وهل يشترط فيها الطهارة للرأس، والتوقيت كالخفين؟ لم نجد فيه كلاماً للعلماء، ثم رأيت بعد ذلك في حواشي القاضي عبد الرحمن على بلوغ المرام: أنه يشترط في جواز المسح على العمائم أن يعتم الماسح بعد كمال الطهارة، كما يفعل الماسح على الخف. وقال: وذهب إلى المسح على العمائم بعض العلماء، ولم يذكر لما ادعاه دليلاً. وظاهره أيضاً أنه لا يشترط للمسح عليها عذر، وأنه يجزىء مسحها، وإن لم يمس الرأس ماء أصلاً.
وقال ابن القيم: إنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مسح على العمامة فقط، ومسح على الناصية، وكمل على العمامة، وقيل: لا يكون ذلك إلا للعذر؛ لأن في الحديث عند أبي داود: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بعث سرية فأصابهم البرد. فلما قدموا على رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين"، فيحمل ذلك على العذر، وفي هذا الحمل بعد، وإن جنح إلى القول به في الشرح؛ لأنه قد ثبت المسح على الخفين، والعمامة من غير عذر في غير هذا.
7- (وعن عمر موقوفاً) الموقوف: هو ما كان من كلام الصحابي، ولم ينسبه إلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (وعن أنس مرفوعاً) إليه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا توضأ أحدكم فلبس خُفّيْه فلْيَمْسَحْ عليهما" تقييد اللبس، والمسح ببعد الوضوء: دليل: على أنه أريد بطاهرتين في حديث المغيرة، وما في معناه: الطهارة المحققة من الحدث الأصغر "وليصل فيهما ولا يخلعها إن شاء" قيدهما بالمشيئة: دفعاً لما يفيده ظاهر الأمر من الوجوب، وظاهر النهي من التحريم (إلا من جنابة) فقد عرفت أنه يجب خلعهما (أخرجه الدارقطني والحاكم

الصفحة 60