كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 1)

عَلَيْهِ وَسَلّم، والتابعين يرجعون إليه، ويدَعون رأيهم. قال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز، وإمام عصره الزهري بالصحة لهذا الكتاب.
وفي الباب من حديث حكيم بن حزام: "لا يمس القران إلا طاهر" ، وإن كان في إسناده مقال، إلا أنه ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد من حديث عبد الله بن عمر: أنه قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" قال الهيثمي: رجاله موثقون، وذكر له شاهدين، ولكنه يبقي النظر في المراد من الطاهر، فإنه لفظ مشترك يطلق عليه الطاهر من الحدث الأكبر، والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولا بد لحمله على معين من قرينة، وأما قوله تعالى: {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} .
فالأوضح أن الضمير للكتاب المكنون الذي سبق ذكره في صدر الآية وأن "المطهرون" هم الملائكة.
12- (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يذكر الله على كل أحيانه" رواه مسلم وعلقه البخاري)، والحديث مقرر للأصل وهو ذكر الله على كل حال من الأحوال وهو ظاهر في عموم الذكر، فتدخل تلاوة القرآن ولو كان جنباً إلا أنه قد خصصه حديث عليّ عليه السلام الذي في باب الغسل كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً، وأحاديث آخر في معناه تأتي، وكذلك هو مخصص بحالة الغائط والبول والجماع.
والمراد بكل أحيانه معظمها كما قال الله تعالى: - يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم-.
والمصنف ذكر الحديث لئلا يتوهم أن نواقض الوضوء مانعة من ذكر الله تعالى.
13- (وعن معاوية) هو ابن أبي سفيان صخر بن حرب، هو وأبوه من مسلمة الفتح، ومن المؤلفة قلوبهم، ولاه عمر الشام بعد موت يزيد بن أبي سفيان، ولم يزل بها متولياً أربعين سنة، إلى أن مات سنة ستين في شهر رجب بدمشق، وله ثمان وسبعون سنة (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "العين" أراد الجنس، والمراد: العينان من كل إنسان ( وكاء ) بكسر الواو والمد ( السه) بفتح السين المهملة وكسرها هي: الدبر، والوكاء ما يربط به الخريطة، أو نحوها "فإذا نَامَتْ العَيْنَان اسْتطْلَقَ الوكاء" أي: انحل (رواه أحمد، والطبراني، وزاد الطبراني: ومن نام فليتوضأ، وهذه الزيادة في الحديث) وهي قوله: "ومن نام فليتوضأ" (عند أبي داود من حديث علي عليه السلام) ولفظه: "العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ" (دون قوله: استطلق الوكاء، وفي كلا الإسنادين ضعف) إسناد حديث معاوية، وإسناد حديث علي؛ فإن في إسناد حديث معاوية: بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف، وفي حديث علي أيضاً بقية، عن الوضين بن عطاء.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذين الحديثين فقال: ليسا بقويين. وقال أحمد: حديث علي أثبت من حديث معاوية. وحسّن المنذري، والنووي، وابن الصلاح: حديث علي.
والحديثان يدلان على أن النوم ليس بناقض بنفسه، وإنما هو مظنة النقض، فهما من أدلة القائلين بذلك، ودليل على أنه لا ينقض إلا النوم المستغرق،

الصفحة 71