كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 1)

سَرَايَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عنده منزلة أعظمهم فتنة للناس» ورواه [1] وقال أَحْمَدُ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (عَرْشُ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً) تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنٍ صَائِدٍ (مَا تَرَى. قَالَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ أَوْ قَالَ عَلَى الْبَحْرِ حَوْلَهُ حَيَّاتٌ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ عَرْشُ إِبْلِيسَ هَكَذَا رَوَاهُ فِي مُسْنَدِ جَابِرٍ وَقَالَ فِي مُسْنَدِ أَبِي سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ صَائِدٍ (مَا تَرَى قَالَ أَرَى عَرْشًا عَلَى الْبَحْرِ حَوْلَهُ الْحَيَّاتُ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ ذَاكَ عَرْشُ إِبْلِيسَ وَرَوَى الإمام أحمد من طريق معاذ التَّمِيمِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ [2] بَيْنَهُمْ وَرَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إن الشَّيْطَانَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فِي النَّاسِ فَأَقْرَبُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ فِتْنَةً. يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا زِلْتُ بِفُلَانٍ حَتَّى تَرَكْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ إِبْلِيسُ لَا وَاللَّهِ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا. وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بينه وبين أهله. قال فيقربه ويدنيه وَيَقُولُ نَعَمْ أَنْتَ. يُرْوَى بِفَتْحِ النُّونِ بِمَعْنَى نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ الَّذِي تَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ. وَبِكَسْرِهَا أَيْ نِعْمَ مِنْكَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النُّحَاةِ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ فَاعِلِ نَعَمْ مُضْمَرًا وَهُوَ قَلِيلٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْأَوَّلَ وَرَجَّحَهُ وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَوْرَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى ما يُفَرِّقُونَ به بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ 2: 102 يَعْنِي أَنَّ السِّحْرَ الْمُتَلَقَّى عَنِ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُتَآلِفِينَ غَايَةَ التَّآلُفِ الْمُتَوَادِّينَ الْمُتَحَابِّينَ وَلِهَذَا يَشْكُرُ إِبْلِيسُ سَعْيَ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ. فَالَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ يَمْدَحُهُ وَالَّذِي يَغْضَبُ اللَّهُ يُرْضِيهِ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُورَتَيِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مُطَّرِدَةً لِأَنْوَاعِ الشَّرِّ وَأَسْبَابِهِ وَغَايَاتِهِ. وَلَا سِيَّمَا سُورَةُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ من الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ 114: 1- 6. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ. وَفِي صَحِيحِ البخاري عن صفية بنت حسين أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مجرى الدم»
__________
[1] بياض بالأصلين مقداره ما ترى
[2] قوله في التحرش متعلق بمقدر أي سعى بينهم في التحريش بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها محمود الإمام

الصفحة 59