كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 1)
فأخبر صلى الله عليه وسلم عن بطن قريب النسب: أنهم ليسوا بمجرد النسب أولياءه، إنما وليه الله وصالحو المؤمنين من جميع الأصناف.
ومثل ذلك كثير بين في الكتاب والسنة، أن العبرة بالأسماء التي (¬1) حمدها الله وذمها، كالمؤمن والكافر، والبر والفاجر، والعالم والجاهل.
ثم قد جاء الكتاب والسنة بمدح بعض الأعاجم، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجمعة: 2 - 3] (¬2) .
وفي الصحيحين، عن (¬3) أبي الغيث (¬4) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] قال قائل: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي (¬5) فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال: " لو كان
¬_________
(¬1) في (أ) : الذي.
(¬2) سورة الجمعة: الآيتان 2، 3.
(¬3) في المطبوعة: عن سالم أبي الغيث.
(¬4) هو: سالم المدني، أبو الغيث، مولى عبد الله بن مطيع، وثقه معين والنسائي وغيرهما، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، من الطبقة الثالثة.
انظر: خلاصة التذهيب (ص 132) ؛ وتقريب التهذيب (1 / 281) ، (ت 31) س.
(¬5) هو الصحابي الجليل: سلمان الخير، الفارسي، أبو عبد الله، أسلم عند قدوم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة، وشهد الخندق وما بعدها، وتوفي سنة (33 هـ) ، ويقال: وعمره (250) سنة. انظر: تهذيب التهذيب (4 / 237) .