كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 1)
يوم عاشوراء (¬1) " فمن شاء صامه، ومن شاء تركه» (¬2) .
وفيهما عن عبد الله (¬3) بن عمر رضي الله عنهما: «أن أهل الجاهلية كانوا يصومون عاشوراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان، فلما افترض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه» (¬4) .
فإذا كان أصل صومه لم يكن موافقا لأهل الكتاب، فيكون قوله: «فنحن أحق بموسى منكم» توكيدا لصومه، وبيانا لليهود: أن الذي يفعلونه من موافقة موسى نحن أيضا نفعله، فنكون أولى بموسى منكم.
ثم الجواب عن هذا، وعن قوله: «كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء» من وجوه:
أحدها: أن هذا كان متقدما، ثم نسخ الله ذلك، وشرع له مخالفة أهل الكتاب، وأمره بذلك، وفي متن الحديث: " أنه سدل شعره موافقة لهم، ثم فرق شعره بعد " ولهذا صار الفرق شعار المسلمين، وكان من الشروط على أهل الذمة " أن لا يفرقوا شعورهم " وهذا كما أن الله شرع له في أول الأمر استقبال بيت المقدس موافقة لأهل الكتاب، ثم نسخ ذلك، وأمر باستقبال الكعبة، وأخبر عن اليهود وغيرهم من السفهاء أنهم سيقولون: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] (¬5) .
¬_________
(¬1) قوله: (ترك يوم عاشوراء) : لا يوجد في المطبوعة. وقال بدلها: (قال) .
(¬2) صحيح البخاري، وفي الكتاب والباب السابقين، والحديث رقم (2002) من فتح الباري (4 / 244) ؛ وصحيح مسلم، الكتاب والباب ورقم الحديث السابق.
(¬3) في المطبوعة: عبيد الله. وهو تحريف.
(¬4) صحيح مسلم، في الكتاب والباب السابقين، الحديث رقم (1126) ، (2 / 792، 793) .
(¬5) سورة البقرة: من الآية 142.