كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 1)

وأخبر أنهم لا يرضون عنه حتى يتبع قبلتهم، وأخبره أنه: إن اتبع أهواءهم (¬1) من بعد ما جاءه من العلم ما له من الله من ولي، ولا نصير، وأخبره (¬2) أن: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148] (¬3) وكذلك أخبره في موضع آخر (¬4) أنه جعل لكل شرعة ومنهاجا (¬5) فالشعار من جملة الشرعة.
والذي يوضح ذلك: أن هذا اليوم - عاشوراء - الذي صامه وقال: «نحن أحق بموسى منكم» قد شرع - قبيل موته - مخالفة اليهود في صومه، وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك (¬6) ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الذي يقول: «وكان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء» ، وهو الذي روى قوله: «نحن أحق بموسى منكم» أشد الصحابة رضي الله عنهم أمرا بمخالفة اليهود في صوم يوم عاشوراء، وقد ذكرنا أنه هو الذي روى شرع المخالفة.
وروى - أيضا - مسلم في صحيحه عن الحكم بن الأعرج (¬7) قال: «انتهيت إلى ابن عباس، وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له: أخبرني عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: " إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، وأصبح يوم التاسع
¬_________
(¬1) كما جاء في سورة البقرة: الآية 120.
(¬2) في المطبوعة زاد: (أنه إن اتبع أهواءهم بعد الذي جاءه من العلم إنه إذا لمن الظالمين، وأخبر) . . إلخ، وهذا خلاف جميع النسخ المخطوطة.
(¬3) سورة البقرة: الآية 148.
(¬4) في المطبوعة: في غير موضع أنه. . إلخ.
(¬5) كما جاء في سورة المائدة: الآية 48.
(¬6) في (ج د) : بذاك.
(¬7) هو: الحكم بن عبد الله بن إسحاق بن الأعرج البصري، قال ابن حجر في التقريب: " ثقة ربما وهم "، ومن الطبقة الثالثة، أخرج له مسلم وغيره. انظر: تقريب التهذيب (1 / 191) ، (ت 486) ح.

الصفحة 467