كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (اسم الجزء: 1)
وافقناهم أو خالفناهم فيه، ومن نفس مشاركتهم فيه، وهذا هو الغالب على الموافقة والمخالفة المأمور بهما (¬1) والمنهي عنهما (¬2) فلا بد من التفطن لهذا المعنى، فإنه به يعرف معنى نَهْي الله لنا عن اتباعهم وموافقتهم، مطلقا ومقيدا.
واعلم: أن دلالة الكتاب على خصوص الأعمال وتفاصيلها، إنما يقع بطريق الإجمال (¬3) والعموم (¬4) أو الاستلزام (¬5) وإنما السنة هي التي تفسر الكتاب (¬6) وتبينه وتدل عليه، وتعبر عنه.
[الاستدلال من القرآن على النهي عن اتباع الكافرين]
فنحن نذكر من آيات الكتاب ما يدل على أصل هذه القاعدة - في الجملة - ثم نتبع ذلك الأحاديث المفسرة في أثناء الآيات وبعدها (¬7) قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ - وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ - ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 16 - 18]
¬_________
(¬1) في (ج د) : بها.
(¬2) في (ج د) : عنها.
(¬3) المجمل ضد المفسر وهو: ما لا يفهم المراد منه ـ لتعدد معانيه ـ إلا ببيان.
انظر: أصول السرخسي (1 / 168) ؛ وأصول الفقه للخضري (ص 135) .
(¬4) العام: كل لفظ ينتظم جمعا من الأسماء لفظا أو معنى.
أصول السرخسي (1 / 125) .
وعرف بعضهم العموم بقوله: " اللفظ الموضوع لاستغراق أفراد ما يصلح له ".
انظر: أصول الفقه للخضري (ص 147) .
(¬5) الاستلزام: مأخوذ من الملازمة وهي عدم المفارقة.
انظر القاموس المحيط، فصل اللام باب الميم (4 / 177) .
(¬6) في (ب) : في كتاب الله العزيز.
(¬7) في المطبوعة: الأحاديث المفسرة لمعاني ومقاصد الآيات بعدها.