كتاب صفة الصفوة (اسم الجزء: 1)

دراهم وقال احملها إليه فقلت جئت بها لتستعين بها على وقتك قال وما الذي رأيت من حالي قلت له رأيت عندك خلا وهندبا فقال كانك افتقدت ذلك لو كان في بيتي امرأة كنت تفتقدها قم فوالله لا كلمتك شهرا.
فخرجت فضرب الباب في وجهي فسال الدم فاتيت الشبلي فقلت له يا أبا بكر رجل مشى في طاعة الله فانفتح وجهه ما سبب هذا فقال لعله اراد ان ياتي إلى شيء صاف يكدره.
354- عابد آخر
عن أبي الحسين بن سمعون قال اجتزت يوما على الصراة ف رأيت امرأة تلتقط ورق البقل الذي ياتي على الماء فقلت لا شك ان هذه امرأة فقيرة. فوقفت حتى رجعت فتبعتها فاتت إلى دار فدخلت فرجعت إلى بيتي فما استقر بي المنزل حتى اتاني خادم معه دنانير ودراهم فقال ادفع هذا إلى محتاج.
فأخذته وقمت فاتيت بيت المراة فطرقت الباب فخرج رجل من خواص مجلسي ومن الملازمين لي فلما راني قال ما لك هكذا فقلت جئتكم بهذه الدنانير تستعينون بها على الوقت فنظر الي مغضبا وقال يا شيخ تحدرنا من الدنيا وتاتينا بها ثم رد الباب في وجهي ودخل فرجعت منكسرا إلى بيتي.
ثم قلت في نفسي لا بد ان اعود إليه فاعتذر فاتيته في اليوم الثاني فطرقت الباب مرارا فلم يجبني أحداً وإذا امرأة من الجيران تقول ما لك يا رجل فقلت لها ما فعل أهل هذه الدار فقالت كان في هذه الدار رجل مع والدته وكنا نتبرك بهم فجاء بالامس شيطان فكلمهم بما كرهوا فانتقلوا عنا.
قال فعدت وانا شديد الحزن على ما فعلت وجعلت اتفقد مجلسي ولا ارى الرجل.
فلما كان يوم عرفة وانا اتكلم على الناس رايته في اوآخرهم فلما انقضى المجلس مضيت إليه وسلمت فرد علي وقال لا تعد ما فات ولا تقل شيئا فلولا اني اعتقد كلامك دواء لقلبي لم احضر وانما غبت عنك لانا انتقلنا إلى مكان آخر حتى لا نعرف فقلت ما اتيت الا معتذرا وما اعود ثم فارقته.

الصفحة 569