كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 1)

إنما قال ذَلك لمعنى جليل لطيف جدًّا، وهو الإشارة والتنبيه على أن نومه - صلى الله عليه وسلم - مغاير لنومنا إذ (¬1) كانَ - عليه السلام - تنام عَيناه ولا ينام قلبه، فإن قلت: قوله: "أحدكم" يعطى هذا المعنى المذكور؟ قلت: أجل، ولكنه جاء على طريق المبَالغة والتأكيد، وربما سمى أهل علم البيان مثل هذا نظرية، وهو أن يكون المعنى مُستقلًّا بالأول (¬2)، ويؤتى باللفظ الثاني للتأكيد (فَلاَ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ) احترز بالإناء عن البركة (¬3) ونحوها، والمراد بالإناء ما يسَع دُون قلتين [والماء إن] (¬4) كثر حكمه حكم القليل.
قال ابن دَقيق العيد: فرق أصَحاب الشافعي بين حَالة المُستيقظ من نومه وغير المستيقظ فقالوا في المُستيقظ مِنَ النوم: يكره أن يغمس يده في الإناء قبل غسلها ثلاثًا، وفي غير المُستيقظ يُستحبُّ له غسلها قبل إدخالها في الإناء. قال: وليعلم الفرق بين قولنا: يُستحب فعل كذا وبين قولنا: يكره تركه، فإنه لا تلازم بينهما، فقد يكون الشيء مُستحب الفعل، ولا يكون مكروه الترك كصلاة الضحى وكثير من النوافل، وغَسل الكفين (¬5) لغَير المُستيقظ من النوم قبل إدخالهما (¬6) الإناء من المُستحبات وترك غسلهما (¬7) للمُستيقظ من المكروهات، فقد وردت
¬__________
(¬1) في (ص، س، ل): إذا.
(¬2) في (ص، س، ل): فالأول.
(¬3) في (د): البرك.
(¬4) في (ص، د، س، ل): والمائع وإن.
(¬5) في (ص، س، ل، م): الكف.
(¬6) في (ص، س، ل، م): إدخالها.
(¬7) في (ص): غسلها.

الصفحة 664