كتاب المقرر على أبواب المحرر (اسم الجزء: 1)

الشمس، وذهبت الصُّفرة قليلًا، وأردَفَ أُسامة خلفَهُ وجعل يَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: "أيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ" حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ الصُّبْحُ، ثم أَتَى المَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا، [مِثْلِ] (¬1) حَصَى الْخَذْفِ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثم أَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، فَصلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ المطَّلِبِ، يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: "انْزَعُوا، بَنِي عَبْدِ المطَّلِبِ، فَلَوْلَا [أَنْ] (¬2) تَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لنَزَعْتُ مَعَكُمْ"، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ (¬3).
وفي رواية، قال: "مِنًى كلُّها مَنْحَرٌ، وعرَفَةُ كلُّها مَوقفٌ، وجمعٌ كلُّها موقفٌ" (¬4). رواهما مسلم.

[1218] ولأحمدَ، وابن ماجه قال: "ماءُ زَمزمَ لما شُرِبَ لهُ" (¬5).
¬__________
(¬1) الزيادة من "الصحيح".
(¬2) الزيادة من "الصحيح" (1218).
(¬3) أخرجه مسلم (1218) (147) بأطول مما هنا.
(¬4) رواية مسلم (1218) (149) واختصرها المصنف رحمه اللَّه.
(¬5) حديث حسن لغيره: أخرجه أحمد (14849) و (14996)، وابن ماجه (3062)، والبيهقي (5/ 1489) من حديث عبد اللَّه بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر رفعه. وقال البيهقي: "تفرد به عبد اللَّه بن المؤمل"، قال الحافظ في "التلخيص" (2/ 510): "وهو ضعيف"، وقال أيضًا: "ثم رواهُ البيهقي بعد ذلك من حديث إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير، ولا يصح عن إبراهيم قلت [الحافظ]: إنما سمعه إبراهيم من ابن المؤمل، ورواه العقيلي من حديث ابن المؤمل وقال: لا يتابع عليه". وأخرجه الطبراني في "الأوسط"، وابن عدي في "الكامل" (4/ 1455) من طريق علي بن =

الصفحة 558