كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (اسم الجزء: 1)
وصالح عدوه وقاطع سيده، فقد استحق الهلاك، ولا يهلك على الله إلا الشقى الهالك لعظيم رحمته وسعة إفضاله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا فردا صمدا، جل عن الأشباه والأمثال، وتقدس عن الأضداد والأنداد والشركاء والأشكال، لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع، ولا راد لحكمه ولا معقب لأمره: {وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [الرعد: 11] .
وأشهد أن محمد عبده ورسوله القائم له بحقه، وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، أرسله رحمة للعالمين، وإماما للمتقين، وحسرة على الكافرين، وحجة على العباد أجمعين، بعثه على حين فترة من الرسل، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل. وافترض على العباد طاعته ومحبته، وتعظيمه وتوقيره والقيام بحقوقه، وسد إلى جنته جميع الطرق فلم يفتح لأحد إلا من طريقه. فشرح له صدره، ووضح له عنه وزره، ورفع له ذكره، وجعل الذل والصغار على من خالف أمره، وأقسم بحياته فى كتابه المبين وقرن اسمه باسمه، فلا يذكر إلا ذكر معه، كما فى التشهد والخطب والتأذين. فلم يزل صلى الله عليه وسلم قائما بأمر الله لا يرجه عنه راد، مشمرا فى مرضاة الله لا يصده عن ذلك صاد، إلى أن أشرقت الدنيا برسالته ضياء وابتهاجا، ودخل الناس فى دين الله أفواجا (أفواجا) ، وسارت دعوته مسير الشمس فى الأقطار، وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار، ثم استأثر الله به لينجز له ما وعده به فى كتابه المبين، بعدم أ، بلغ رسالته، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد فى الله حق جهاده، وأقام الدين، وترك أمته على البيضاء الواضحة البينة للسالكين. وقال {هَذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَىَ اللهِ عَلَىَ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] .
الصفحة 4
404