كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (اسم الجزء: 1)

الباب الحادى عشر: فى علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه.
الباب الثانى عشر: فى علاج مرض القلب بالشيطان.
الباب الثالث عشر: فى مكايد الشيطان التى يكيد بها ابن آدم. وهو الذى وضع لأجله الكتاب. وفيه فصول جمة الفوائد حسنة المقاصد.
والله تعالى يجعله خالصا لوجهه، مؤمنا من الكرة الخاسرة، وينفع به مصنفه وكاتبه، والناظر فيه فى الدنيا والآخرة، إنه سميع عليم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
الباب الأول: فى انقسام القلوب إلى صحيح وسقيم وميت
لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها، انقسم بحسب ذلك إلى هذه الأحوال الثلاثة.
فالقلب الصحيح: هو القلب السليم الذى لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، كما قال تعالى:
{يومَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَليِمٍ} [الشعراء: 88-89] .
والسليم هو السالم، وجاء على هذا المثال لأنه للصفات، كالطويل والقصير والظريف؛ فالسليم القلب الذى قد صارت السلامة صفة ثابتة له، كالعليم والقدير، وأيضا فإنه ضد المريض، والسقيم، والعليل.
وقد اختلفت عبارات الناس فى معنى القلب السليم، والأمر الجامع لذلك: أنه الذى قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره. فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله. فسلم فى محبة غير الله معه ومن خوفه ورجائه والتوكل عليه، والإنابة إليه، والذل له، وإيثار مرضاته فى كل حال والتباعد من سخطه بكل طريق. وهذا هو حقيقة العبودية التى لا تصلح إلا لله وحده.
فالقلب السليم: هو الذى سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله تعالى: إرادة ومحبة، وتوكلا، وإنابة، وإخباتا، وخشية، ورجاء. وخلص عمله لله،

الصفحة 7