كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 1)

فرجع إلى الألف يختم تأليفه بقول القائلين -كما أسلفت- "أستغفر اللَّه. . . ".
وعلى أن الكتاب قائمٌ على سرد الأبيات التي تبدأ بهذا الحرف أو ذاك، وهو يكتفي بأن يسرد في المتن عادةً بيتًا واحدًا للشاعر لا أكثر، إلا أن قيمته لا تتأتّى من هذا السرد وحده في المتن، وإنّما من حواشي هذه المتون؛ فقد اعتاد المؤلِّف أن يذكر البيت في المتن ثم يضع إلى جنب قافيته كلمة "حاشية" فيتفنَّنن في رسمها بحيث يُحيلك إلى موضع الحاشية من كتابه وتكون مكتوبة عادة بخطٍّ رقيق، دقيق ليضيف في الحاشية بقيَّة أبيات القصيدة، فإن لم يفعل أضاف إليه أبياتًا؛ فإن لم يعرف كتب في نهاية قافية البيت كلمة: "بعدَه" ليضيف الأبيات التي بعدَه، أو كلمة "قبلَه" ليضيف إليه الأبيات التي قبلَه، وقد يُضيف في أحيانٍ بيتًا واحدًا.
ولئلا يلتبس الأمر على القارئ الكريم أجدني مطالبًا أن أضرب له مثلًا على ذلك فأقول:
قال المؤلف ابنُ أيْدَمر (¬1): "خُليد مولى العباس بن محمد:
أطعتِ الآمريكِ بصرمِ حبلي ... مُرِيهمْ في أحبَّتهمْ بذاك"
ثم قال: حاشية، أبيات خليد أولها:
أما والراقصات بذات عِرقٍ ... ومن صلَّى بنعمان الأراكِ
لقد أضمرتُ حبَّكِ في فؤادي ... وما أضمرتُ من حبٍّ سواكِ
أطعت الآمريك: البيت، وبعدَه:
فإنْ همْ طاوعوكِ فطاوعيهمْ ... وإن عاصوكِ فاعصيْ من عصاكِ
عرضتُ بحاجتي فَنَبَوْتِ عنها ... وما أَنْبُو لحاجتكم كذاكِ"
وبهذه الطريقة أورد المؤلِّف في المتن وحدَه ما يقرب من عشرين ألف بيتٍ كانت في طائفةٍ منها من نفائس الشعر العربيِّ.
فإذا قدَّرتَ أنَّ ما أورده في حواشيه مُعدَّلُه عشرون بيتًا -هو تقديرٌ اعتباطيٌّ-
¬__________
(¬1) الدر الفريد - المخطوط 2/ 156.

الصفحة 19