كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 1)

شبتُ أنا والتحى حبيبي ... فبِنتُ عنه وبان عنّي
واسودَّ ذاك البياضُ منه ... وابيضَّ ذاك السوادُ منّي
فكتب إليه والدُه الوزير في الجواب: أحسن منه قولُ الآخر: وأشبَهُ بحالي وحال الخليفة رحمة اللَّه عليه:
نَمَّ في خدِّه العذار ولاح الشَّـ ... ـيبُ في مفرقي بغيرِ أوانِ
كسدتْ سوقُنا جميعًا على الحُـ ... ـبِّ وولَّى زمانُهُ وزماني"
ورجلٌ يحزن مثل هذا الحزن على مخدومه الخليفة المستعصم -حتّى بعد قتله وزوال مُلكه- لا يمكن أن يخونه.
ويزيد من قيمة شهادة صاحبنا أنَّه نشأ في حجر إقبال الشرابي كما يقول هو في 5/ 499، ممَّا يجعله عليمًا بما يدور في قصر الخلافة، وممّا يُبعدهُ أن يشعر بشيءٍ لابن العلقميِّ في عنقه يقتضيه أن يُجامله. فإذا علمنا أنَّه ألّف الكتاب بعد وفاته أدركنا قيمة شهادته.
ولستُ من المدافعين عن ابن العلقمي، وإنّما أريد من كلِّ ما ذكرتُ أن أنبِّه المؤرخين العرب، وأشباههم من المتطفلين على التأريخ والتأرخة أن يتنبَّهوا إلى هذا الكتاب المعاصر له.
صحيحٌ أن ابن شاكر الكتبي ألف جزءًا من كتابه "عيون التواريخ" عن سقوط بغداد حقَّقه الراحل الكبير الدكتور فيصل السامر، وشريكة له، ولكن صحيحٌ أيضًا أن ابن شاكر قد توفِّي سنة: 764، أي بعد مُضي ما هو أكثر من قرن على سقوطها.
وعتبٌ يسيرٌ على العلّامة الجليل الدكتور فؤاد سزكين مدير "معهد تاريخ العلوم العربية والإِسلامية في إطار جامعة فرانكفورت" أن لم يتنبَّه لا إلى مثل هذه الأشياء فحسب، وإنمّا لم يتنبَّه حتّى إلى ترجمة المؤلّف لولا أن نبَّهه زميلُه الدكتور رودلف زلهايم.

الصفحة 31