كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 1)
لَمْ أَجْهَلْ قَوْلُ القَائِلِ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ فِي أَمَانٍ مِنْ عَقْلِهِ، وَسَلَامَةٍ فِي عِرْضِهِ حَتَّى يَقُوْلَ شِعْرًا، أَوْ يُؤَلِّفَ كِتَابًا (¬1)، فَحِيْنَئِذٍ عَنْدَ الإِمتحانِ يُكْرَمُ الرَّجُلُ أَوْ يُهَانُ.
¬__________
(¬1) فِيْمَا قَالَهُ الشُّعَرَاءِ مِنْ وَصْفِ القَلَمِ وَتَعْبِيْرِهِ عَنْ الضَّمَائِرِ وَأَنَّهُ أَخْرَسٌ نَاطِقٌ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّد بن أَحْمَد العَلَوِيّ المَعْرُوْفُ بِابْنِ طَبَاطَبَا:
أَخْرَسٌ يُنْسِيْكَ بِأَطْرَافِهِ ... عنْ كُلِّ مَا شِئْتَ بِهِ مِنَ الأمرِ
وَيُرْوَى: أَخْرَسُ تُبْدِي لَكَ أَطْرَافُهُ
يُذْرِي عَلَى قِرْطَاسِهِ دَمْعَةً ... يُبْدِي بِهَا السِّرَّ وَمَا يَدْرِي
كَعَاشِقٍ أَخْفَى هَوَاهُ وَقَدْ ... نَمَّتْ عَلَيْهِ عَبْرَةٌ تَجْرِي (1)
آخَرُ (2):
أَجْرَيْتَ فَوْقَ صُدُوْرِ كُتبكَ دَامِعًا ... يُبْكِيْهِ ضِحْكُ الفِكْرِ وَالأَوْهَامِ
مُسْتَعْجِمًا فَإِذَا اللَّوَاحِظُ تَرْجَمَتْ ... عَنْهُ أَتَى بِفَصَاحَةِ اعْجَامِ
آخَرُ:
عَجِبْتُ لِذِي سِنَّيْنِ فِي المَاءِ نَبْتُهُ ... لَهُ أَثَرٌ فِي كُلِّ مِصرٍ وَمَنْزِلِ
عَيٍّ إِذَا يُلْغَى فَصِيْحٍ إِذَا جَرَى ... رَسُوْلٍ يُؤَدِّي قَوْلَهُ غَيْرِ مُرْسَلِ
يُعَبِّرُ عَمَّا قُلْتَهُ وَهُوَ أَخْرَسٌ ... يُصيْبُ مَا يُرْمَى بِهِ كُلَّ مَقْتَلِ
آخَرُ:
نَوَاطِقُ إِلَّا أَنَّهُنَّ سَوَاكِتٌ ... يُتَرْجِمْنَ غَيْبًا فِي الضَّمِيْرِ مُكَتِّمَا
وَتَجْهَلُ إِنْ خَاطَبْتَهَا كُلّ مَنْطِقٍ ... وَتُصْبِحُ مِنْ لُقْمَانَ فِي النَّاسِ أَحْكَمَا
أَبُو سَعِيْدٍ بنُ بُوْقَةَ:
وَأَخْرَسَ نَاطِقٍ أَعْمَى ... بَصِيْرٍ بَلِيْغٍ عِندَ مَنْطِقِهِ عَيِّ
_______
(1) لمحمد بن أحمد الأصفهاني فِي الحماسة المغربية 2/ 788 - 789، ولمحمود بن الأحمد الأصفهاني في زهر الآداب 1/ 432.
(2) لصالح بن عبد الملك بن صالح في أدب الكاتب للصولي 2/ 85.
الصفحة 492