كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 1)
وَرَكْبٍ كَأنَّ الرِّيْحَ تَطْلُبُ عِنْدَهُمْ ... لَهَا تِرَةً مِنْ جذْبِهَا بِالعَصَايِبِ (¬1)
سَرَوا يَخْبِطُوْنَ اللَّيْلَ وَهْيَ تَلُفُّهُمْ ... إلَى شُعَبِ الأكْوَارِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ (¬2)
¬__________
= مَلَاعِبُ أَخْدَانَ الصِّبَى وَلِدَاتِهِ ... نَعِمْنَا بِهَا دَهْرًا وَمَلْهَى لَوْ لَايِدِ
لَيَالِيَ أُمْسِي وَالغَوَانِي ضَجَائِعِي ... وَأَعْضَادُهُنَّ النَّاعِمَاتُ وَسَائِدِي
وَمَا لِي مِنْ رَيَّا إِذَا مَا ذَكَرْتَهَا ... سِوَى نَفْسٍ مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ صَاعِدِ
وَدَمْعٌ تَكَادُ العَيْنُ مِنْ حَرِّ مَائِهِ ... تَذُوْبُ فَيَخْبُو نُوْرُهَا غَيْرِ بَارِدِ
وَكَقَوْلِ أَبِي عُبَادَةَ البُحْتُرِيّ (1):
أَطَاعَ الهَوَى وَاسْتَعْبَدَتْهُ المَطَامِعُ ... وَمَالَتْ بِهِ نَحْوَ الحَبِيْبِ النَّوَازعُ
وَكَانَ تَمَادِي البُعْدِ أنْسَاهُ وَجْدَهُ ... فَهَيَّجَ ذِكْرَاهُ الحَمَامُ السَّوَاجِعُ
نَوَائِح يُبْكِي شَجْوهَا كُلَّ سَامِعٍ ... لَهُنَّ وَإنْ لَمْ تَجْرِ مِنْهَا المَدَامِعُ
كَتَمْتُ الهَوَى مَا اسْطَعْت فَازْدَادَ كثرةً ... عَلَيَّ وَحَتَّى مَ تَسَعْهُ الأَطَالِعُ
فَوَاكَبِدَى مَالِي أَحِنُّ إِلَى الصِّبَى وَ ... هَيْهَاتَ مَا عَهِدَ الصِّبَى لِي رَاجِعُ
وَإنْ أَكُ نَاهَزَ سَبْعِيْنَ حِجَّةٍ ... فَقَلْبِي فِي طَبْعِ الصبَابَةِ يَافِعُ
يُطَيِّرُ مَرَّ الدَّهْرِ أَجْسَام أَهْلِهِ ... وَتَبْقَى عَلَى حَالَاتِهِنَّ الطَّبَائِعُ
وَمِنْ مَحَاسِنِ شِعْرِ أَبِي الطَّيِّبِ فِي النَّسَبِ بِالأَعْرَابِيَّاتِ قَوْلهُ مِنْ قَصِيْدَةٍ (2):
دِيَارُ اللَّوَاتِي دَارهنَّ عَزِيْزَةً ... بِطُوْلِ القَنَا يَحْفَظْنَ بِالتَّمَائِمِ
حِسَانُ يَنْقِشُ الوشَى مِثْلهُ ... إِذَا مَسَّ فِي أَجْسَادِهِنَّ النَّوَاعِمِ
وَيَنْسِمْنَ عَنْ دُرٍّ تَقَلَّدْنَ مِثْلَهُ ... كَأنَ التَّرَاقِي وُشِحَتْ بِالمَبَاسِمِ
(¬1) أَلَمَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بن المُعْتَزِّ فَقَالَ:
وَالرِّيْحُ تَجْذِبُ أطراف الرداءِ كَمَا ... أَفْضى الشَّفِيْقُ إِلَى تَنْبِيْهِ وَسْنَانِ
(¬2) وَيُرْوَى: سَرَوا وَسَرَتْ نَكْبَاءُ وَهِيَ تَلُفُّهُمْ.
_______
(1) لم ترد في ديوانه.
(2) ديوانه 4/ 11.
الصفحة 98