كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (اسم الجزء: 1)

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: 101]. قَالَ: وَكُنَّا قَدْ كَرِهْنَا كَثِيرًا مِنْ مَسْأَلَتِهِ، وَاتَّقَيْنَا ذَلِكَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ذَلِكَ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَأَتَيْنَا أَعْرَابِيًّا فَرَشَوْنَاهُ بِرِدَاءٍ فَاعْتَمَّ بِهِ. قَالَ: حَتَّى رَأَيْتُ حَاشِيَتَهُ خَارِجَةً عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ. قَالَ: ثُمَّ قُلْنَا لَهُ: سَلِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ مِنَّا وَبَيْنَ أَظْهُرِنَا الْمَصَاحِفُ، وَقَدْ تَعَلَّمْنَا مَا فِيهَا، وَعَلَّمْنَاهَا نِسَاءَنَا وَذَرَارِيَّنَا وَخَدَمَنَا؟ قَالَ: فَرَفَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ وَقَدْ عَلَتْ وَجْهَهُ حُمْرَةٌ مِنَ الْغَضَبِ. قَالَ: فَقَالَ: " أَيْ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَيْنَ أَظْهُرِهِمُ الْمَصَاحِفُ لَمْ يُصْبِحُوا يَتَعَلَّقُوا مِنْهَا بِحَرْفٍ مِمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ، أَلَا وَإِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ ذَهَابُ حَمَلَتِهِ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ طَرَفٌ مِنْهُ، وَإِسْنَادُ الطَّبَرَانِيِّ أَصَحُّ ; لِأَنَّ فِي إِسْنَادِ أَحْمَدَ عَلِيَّ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طُرُقٍ فِي بَعْضِهَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ صَدُوقٌ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
977 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُوشِكُ بِالْعِلْمِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ " فَرَدَّدَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي وَأُمِّي، وَكَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ مِنَّا، وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ قَدْ قَرَأْنَاهُ وَيُقْرِئُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُمْ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ بْنَ لَبِيدٍ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَوَلَيْسَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ عِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ؟ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ يَذْهَبُ بِالْعِلْمِ رَفْعًا يَرْفَعُهُ، وَلَكِنْ يَذْهَبُ بِحَمَلَتِهِ - أَحْسَبُهُ - وَلَا يَذْهَبُ عَالِمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا كَانَ ثُغْرَةً فِي الْإِسْلَامِ لَا تُسَدُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ، إِلَّا أَنَّ أَبَا مُسْهِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ مُؤَذِّنُ أَهْلِ حِمْصَ، وَكَانَ ثِقَةً مَرْضِيًّا.
978 - وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: " هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - يُقَالُ لَهُ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنْ كُنْتُ لَأَحْسَبُكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ "، ثُمَّ ذَكَرَ ضَلَالَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ».
رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ: كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا. وَضَعَّفَهُ الْبَاقُونَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَزَادَ: قَالَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ: فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ، فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَ عَوْفٍ فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ

الصفحة 200