كتاب المقتنى في سرد الكنى (اسم الجزء: 1)

رحلاته:
لم يكتف الإمام الذهبي بما وجد منه في بلده فرحل وجدّ في الرحيل فوصل إلى حلب وحمص وحماه وطرابلس ونابلس والرملة والقاهرة والإسكندرية والحجاز والقدس وغيرها (1) .
وسمع ما لا يحصى كثرة من الكتب والأجزاء ولقي كثيراً من الشيوخ، وسمع منهم كما سمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير الشمس، إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليال، وأقام بدمشق يرحل إليه من سائر البلاد، وتناديه السؤالات من كل ناد، وهو بين أكنافها كنف لأهليها، وشرف تفتخر به الدنيا وما فيها، طوراً نراها ضاحكة عن تبسم أزهارها، وقهقهة غدرانها، وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من أمامها المعدود في سكانها (2) .
شيوخه ومن سمع منهم:
جالس الذهبي أكثر الشيوخ وتعلم في العديد من المدارس، فسمع بدمشق من عمر بن القواس، وأحمد بن هبة بن عساكر، ويوسف بن أحمد الغسولي وغيرهم، وببعلبك من عبد الخالق بن علوان، وزينب بنت عمر ابن كندي وغيرهما، وبمصر من أبي المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد الأَبَرْقُوهي (3) ، وعيسى بن عبد المنعم بن شهاب، وجمال الدين أبا العباس أحمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن الظاهري (626-696) .
قال في تاريخ الإسلام: وبه افتتحت السماع بالديار المصرية، وبه اختتمت، وعنده نزلت وعلى أجزائه اتكلت، وقال في ترجمته من معجم شيوخه (ق257) : ودعته في ذي القعدة سنة خمس وتسعين، فقال لي: " ... ، وشيخ الإسلام ابن دقيق العيد وغيرهم".
__________
1 الوافي بالوفيات للصفدي 2/164-165.
2 طبقات الشافعية للسبكي 9/103.
3 الأبَرْقُوهي: بفتح أوله وثانيه، وسكون الراء وضم القاف وهاء محضة، نسبة إلى أبرقوه، بلد قرب يزد، وقيل بليدة بنواحي أصبهان. معجم البلدان 1/58، اللباب 1/24.

الصفحة 8