كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

قوله: "لا يزال يلقى فيها" الضمير "فيها" يعود إلى جهنم، والمعنى أنه يستمر إلقاء من يستحق النار فيها، وهي تطلب الزيادة منهم، قال الله-تعالى-: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (¬1) .
قال ابن كثير: "يخبر -تعالى- أنه يقول لجهنم: هل امتلأت؟ وذلك أنه وعدها أن سيملؤها من الجنة والناس أجمعين، فهو -سبحانه- يأمر بمن يأمر به إليها، ويلقى {فيها} وهي تقول: هل من مزيد؟ أي: هل بقي شيء تزيدني؟ هذا هو الظاهر من سياق الآية، وعليه تدل الأحاديث" (¬2) .
يقصد بالأحاديث مثل هذا الحديث، فإن ظاهره أن الاستفهام لطلب الزيادة، وهو الصحيح الذي يدل على ظاهر القرآن، والأحاديث الصحيحة.
قوله: "حتى يضع فيها رب العالمين قدمه"، في رواية: "حتى يضع رب العزة فيها قدمه" وهذه الرواية هي المناسبة لهذا الباب، ولكن البخاري اكتفى بالإشارة إليها على عادته، وفي رواية أبي هريرة: "يقال لجهنم: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فيضع الرب -تبارك وتعالى- قدمه عليها"، وفي رواية: "حتى يضع فيها قدمه فتمتلئ"، وفي أخرى: "حتى يضع رجله، فتقول: قط قط" وهذه الروايات كلها في البخاري، واتفق معه مسلم عليها (¬3) .
وعند الدارقطني في "الصفات": "فأما النار فيلقى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ -ثلاث مرات- حتى يأتيها -تبارك وتعالى- فيضع قدمه عليها، فتنزوي، وتقول: قدني قدني" (¬4) .
¬_________
(¬1) الآية 30 من سورة ق.
(¬2) "تفسير ابن كثير" (7/381) .
(¬3) انظر"مسلم" (4/2187، 2188) .
(¬4) "الصفات" (ص14، 17) .

الصفحة 155