كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

المعتزلة، وجعل يبين فساد مذهب الاعتزال ويرد عليهم، ويوضح فساد أصولهم، وتناقضهم، وبعدهم عن الحق، ومثلهم الرافضة والفلاسفة، ولهذا صار له ذكر حسن وقدر عند المسلمين.
والذين ينتسبون إليه من المتأخرين ليسوا على طريقته، مع أنه لم يكن من أهل السنة المحضة، إذ لم يستطيع أن يتخلص من بعض مسائل أهل الكلام.
قال شيخ الإسلام: "لا ريب أن الأشعرية إنما تعلموا الكتاب والسنة من أتباع الإمام أحمد، ونحوه، ولهذا يوجد أكثر ألفاظه التي يذكرها عن أهل السنة والحديث، إما ألفاظ زكريا بن يحيي الساجي، التي وصف بها مذهب أهل السنة، أو ألفاظ أصحاب الإمام أحمد، وما ينقل عن أحمد في رسائله الجامعة في السنة، وإلا فالأشعري لم يكن له خبرة بمذهب أهل السنة، وأصحاب الحديث، وإنما يعرف أقوالهم من حيث الجملة، لا يعرف تفاصيل أقوالهم، وأقوال أئمتهم، وقد تصرف فيما نقله عنهم باجتهاده في مواضع يعرفها البصير.
وأما خبرته بمقالات أهل الكلام فكانت تامة على سبيل التفصيل.
ولهذا لم يذكر عن أهل السنة في كتاب "مقالات الإسلاميين" إلا جملة مقالاتهم، مع أن لهم في تفاصيل تلك ما ليس لأهل الكلام.
ولا ريب أن للآشعري في الرد على أهل البدع كلاماً حسناً، هو من الكلام المقبول، الذي يحمد قائله إذا أخلص فيه النية.
وله أيضاً كلام خالف به بعض السنة هو من الكلام المردود، الذي يذم قائله إذا أصر عليه بعد قيام الحجة" (¬1) والله يغفر لنا وله.
وقد انتسب إلى الأشعري أكثر العالم الإسلامي اليوم من أتباع المذاهب الأربعة، وهم يعتمدون على تأويل نصوص الصفات تأويلاً يصل أحياناً إلى
¬_________
(¬1) "التسعينية" (5/286-287) من الفتاوى المصرية، ملخصاً.

الصفحة 25