كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

فلن يدخل أحد الجنة بعمله (¬1) ، وما من أحد إلا وله ذنوب يحتاج فيها إلى مغفرة ربه، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} (¬2) .
فمن ظن أنه قائم بما يجب عليه، وأنه غير محتاج إلى مغفرة ربه وعفوه وهدايته وتوفيقه، فهو ضال" (¬3) .
والمقصود من الحديث هنا: بيان أن حق الله على عباده هو عبادته – تعالى – الخالصة من الشرك، وهي: طاعته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، فلا يخالف ما جاء عن الله، أو جاء عن رسوله، لغرض أو منفعة عاجلة أو آجلة، وغير ذلك.
ومن ذلك – يعني حق الله على عباده-: اتباع ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله من غير تحريف، ولا إلحاد فيه، ولهذا ترجم على هذا الحديث في كتاب الرقاق بقوله: باب من جاهد نفسه في طاعة الله.
ومراده: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قد بين ما يجب لله على عباده من عبادته باتباع أمره، واجتناب نهيه، وعبادته بأسمائه وصفاته، وتنزيهه عن مشابهة المخلوق، وما يستحقه من فعل ذلك.
¬_________
(¬1) في" صحيح مسلم" عن جابر، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل أحداً منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار، ولا أنا، إلا برحمة من الله" (4/2171) رقم الحديث (2817) . وأخرجه البخاري في عدة مواضع من "صحيحه" من حديث أبي هريرة وعائشة. انظر: "الفتح" (11/294) .
(¬2) الآية 45 من سورة فاطر.
(¬3) "مجموع الفتاوى" (1/216) .

الصفحة 50