كتاب شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (اسم الجزء: 1)

نصيباً مع الله -تعالى- في هذا الحب؟ كما قال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} (¬1) .
فبين - تعالى- أن الذي يحب المخلوق كحب الله أنه مشرك قد اتخذ لله نداً، وأخبر - تعالى- عن هؤلاء أنهم سيقولون لأندادهم وهم في النار: {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ {97} إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) ، ولا يجوز أن تكون تسويتهم لهم برب العالمين إلا في الحب؛ لأنه لا يمكن أن يقول عاقل إن أحداً من الخلق يساوي الله -تعالى- في الفعل والتصرف.
وقول ابن التين الذي نقله الحافظ: " إن معنى محبة المخلوقين لله: إرادتهم أن ينفعهم" (¬3) من أبطل الكلام المخالف للواقع وللشرع والعقل ولولا أن هذا مسجل في الكتب المتداولة بين المسلمين، لم يجز ذكره، وهل يوجد أحد من الخلق لا يريد أن ينفعه الله، حتى إبليس، ومن دونه من دعائم الكفر والإلحاد، من الأولين والآخرين؟ بل كلهم يريد أن ينفعهم الله، فهل يقال: إنهم يحبون الله المحبة المأمور بها شرعاً؟ ولا شك أن مثل هذا القول نتيجة نقص العلم بكلام الله وكلام رسوله، ونقص الإيمان بذلك.
"وإلا فإن من تيقن أن الله أصدق القائلين، وأن قوله الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وأن قوله الفصل، ليس بالهزل، وأنه الهدى، والنور، والشفاء لما في الصدور من الجهل والشكوك، وأنه -تعالى- أعلم بنفسه وبغيره من خلقه.
وعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعلم الخلق بالحق، وأفصح الخلق في النطق
¬_________
(¬1) الآية 165 من سورة البقرة.
(¬2) الآية 97-98 من سورة الشعراء.
(¬3) "الفتح" (13/357) .

الصفحة 67