كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يدل عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام وَهَذَا لَا ينفى ان يكون فِيهَا بَين آدم وإبليس مَا حَكَاهُ الله عز وَجل من الامتحان والابتلاء ثمَّ يصير الامر عِنْد دُخُول الْمُؤمنِينَ اليها الى مَا أخبر الله عز وَجل بِهِ فَلَا تنَافِي بَين الامرين قَالُوا وَأما قَوْلكُم ان الْجنَّة دَار جَزَاء وثواب وَلَيْسَت دارتكليف وَقد كلف الله سُبْحَانَهُ آدم فِيهَا بِالنَّهْي عَن الشَّجَرَة فَجَوَابه من وَجْهَيْن احدهما انه إِنَّمَا يمْتَنع ان تكون دَار تَكْلِيف إِذا دَخلهَا الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة فَحِينَئِذٍ يَنْقَطِع التَّكْلِيف وَأما امْتنَاع وُقُوع التَّكْلِيف فِيهَا فِي دَار الدُّنْيَا فَلَا دَلِيل عَلَيْهِ الثَّانِي ان التَّكْلِيف فِيهَا لم يكن بالاعمال الَّتِي يُكَلف بهَا النَّاس فِي الدُّنْيَا من الصّيام وَالصَّلَاة وَالْجهَاد وَنَحْوهَا وَإِنَّمَا كَانَ حجرا عَلَيْهِ فِي شَجَرَة من جملَة أشجارها وَهَذَا لَا يمْتَنع وُقُوعه فِي جنَّة الْخلد كَمَا ان كل اُحْدُ مَحْجُور عَلَيْهِ ان يقرب أهل غَيره فِيهَا فَإِن اردتم بَان الْجنَّة لَيست دَار كَيفَ امْتنَاع وُقُوع مثل هَذَا فِيهَا فِي وَقت من الاوقات فَلَا دَلِيل لكم عَلَيْهِ وَإِن اردتم ان غَالب التكاليف الَّتِي تكون فِي الدنيامنتفية فِيهَا فَهُوَ حق وَلَكِن لَا يدل على مطلوبكم قَالُوا وَهَذَا كَمَا انه مُوجب الادلة وَقَول سلف الامة فَلَا يعرف بقولكم قَائِل من ائمة الْعلم وَلَا يعرج عَلَيْهِ وَلَا يلْتَفت اليه قَالَ الاولون الْجَواب عَمَّا ذكرْتُمْ من وَجْهَيْن مُجمل ومفصل اما الْمُجْمل فَإِنَّكُم لم تَأْتُوا على قَوْلكُم بِدَلِيل يتَعَيَّن الْمصير اليه لَا من قُرْآن وَلَا من سنة وَلَا أثر ثَابت عَن اُحْدُ من اصحاب رَسُول الله وَلَا التَّابِعين لَا مُسْندًا وَلَا مَقْطُوعًا وَنحن نوجدكم من قَالَ بقولنَا هَذَا اُحْدُ ائمة الاسلام سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ فِي قَوْله عز وَجل ان لَك ان لَا تجوع فِيهَا وَلَا تعرى قَالَ يَعْنِي فِي الارض وَهَذَا عبد الله بن مُسلم بن قُتَيْبَة قَالَ فِي معارفه بعد ان ذكر خلق الله لادم وزوجه ان الله سُبْحَانَهُ اخرجه من مشرق جنَّة عدن الى الارض الَّتِي مِنْهَا اخذ وَهَذَا ابى قد حكى الْحسن عَنهُ ان آدم لما احْتضرَ اشْتهى قطفا من قطف الْجنَّة فَانْطَلق بنوه ليطلبوه لَهُ فلقيتهم الْمَلَائِكَة فَقَالُوا ايْنَ تُرِيدُونَ يَا بني آدم قَالُوا إِن ابانا اشْتهى قطفا من قطف الْجنَّة فَقَالُوا لَهُم ارْجعُوا فقد كفيتموه فَانْتَهوا اليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وَصلى عَلَيْهِ جِبْرِيل وَبَنوهُ خلف الْمَلَائِكَة ودفنوه وَقَالُوا هَذِه سنتكم فِي مَوْتَاكُم وَهَذَا ابو صَالح قد نقل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله اهبطوا مِنْهَا قَالَ هُوَ كَمَا يُقَال هَبَط فلَان فِي ارْض كَذَا وَكَذَا وَهَذَا وهب بن مُنَبّه يذكر آن آدم خلق فِي الارض وفيهَا سكن وفيهَا نصب لَهُ الفردوس وانه كَانَ بعدن وان سيحون وجيحون والفرات انقسمت من النَّهر الَّذِي كَانَ فِي وسط الْجنَّة وَهُوَ الَّذِي كَانَ يسقيها وَهَذَا مُنْذر بن سعيد البلوطي اخْتَارَهُ فِي تَفْسِيره وَنَصره بِمَا حكيناه عَنهُ وَحَكَاهُ فِي غير التَّفْسِير عَن ابي حنيفَة فِيمَا خَالفه فِيهِ فَلم قَالَ بقوله فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهَذَا أَبُو مُسلم الاصبهاني صَاحب التَّفْسِير وَغَيره اُحْدُ الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين قَالَ بِهَذَا وانتصر لَهُ وَاحْتج عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مَعْرُوف

الصفحة 19