كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

فِي كِتَابه وَهَذَا ابو مُحَمَّد عبد الْحق بن عَطِيَّة ذكر الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِيره فِي قصَّة آدم فِي الْبَقَرَة وَهَذَا ابو مُحَمَّد بن حزم ذكر الْقَوْلَيْنِ فِي كتاب الْملَل والنحل لَهُ فَقَالَ وَكَانَ الْمُنْذر بن سعيد القَاضِي يذهب الى ان الْجنَّة وَالنَّار مخلوقتان الا انه كَانَ يَقُول انها لَيست هِيَ الَّتِي كَانَ فِيهَا آدم وامراته وَمِمَّنْ حكى الْقَوْلَيْنِ ايضا ابو عِيسَى الرماني فِي تَفْسِيره وَاخْتَارَ انها جنَّة الْخلد ثمَّ قَالَ وَالْمذهب الَّذِي اخترناه قَول الْحسن وَعَمْرو بن وَاصل وَأكْثر اصحابنا وَهُوَ قَول ابي عَليّ وَشَيخنَا ابي بكر وَعَلِيهِ اهل التَّفْسِير وَمِمَّنْ ذكر الْقَوْلَيْنِ ابو الْقَاسِم الرَّاغِب فِي تَفْسِيره فَقَالَ وَاخْتلف فِي الْجنَّة الَّتِي اسكنها آدم فَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين كَانَ بستانا جعله الله لَهُ امتحانا وَلم يكن جنَّة المأوى ثمَّ قَالَ وَمن قَالَ لم يكن جنَّة المأوى لانه لَا تَكْلِيف فِي الْجنَّة وآدَم كَانَ مُكَلّفا قَالَ وَقد قيل فِي جَوَابه انها لَا تكون دَار التَّكْلِيف فِي الاخرة وَلَا يمْتَنع ان تكون فِي وَقت دَار تَكْلِيف دون وَقت كَمَا ان الانسان يكون فِي وَقت مُكَلّفا دون وَقت وَمِمَّنْ ذكر الْخلاف فِي الْمَسْأَلَة ابو عبد الله بن الْخَطِيب الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره فَذكر هذَيْن الْقَوْلَيْنِ وقولا ثَالِثا وَهُوَ التَّوَقُّف قَالَ لامكان الْجَمِيع وَعدم الْوُصُول الى الْقطع كَمَا سَيَأْتِي حِكَايَة كَلَامه وَمن الْمُفَسّرين من لم يذكر غير هَذَا القَوْل وَهُوَ انها لم تكن جنَّة الْخلد إِنَّمَا كَانَت حَيْثُ شَاءَ الله من الارض وَقَالُوا كَانَت تطلع فِيهَا الشَّمْس وَالْقَمَر وَكَانَ ابليس فِيهَا ثمَّ اخْرُج قَالَ وَلَو كَانَت جنَّة الْخلد لما اخْرُج مِنْهَا وَمِمَّنْ ذكر الْقَوْلَيْنِ ايضا أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ فَقَالَ فِي تَفْسِيره وَاخْتلف فِي الْجنَّة الَّتِي اسكناها على قَوْلَيْنِ احدهما انها جنَّة الْخلد الثَّانِي انها جنَّة اعدها الله لَهما وَجعلهَا دَار ابتلاء وَلَيْسَت جنَّة الْخلد الَّتِي جعلهَا الله دَار جَزَاء وَمن قَالَ بِهَذَا اخْتلفُوا فِيهِ على قَوْلَيْنِ احدهما انها فِي السَّمَاء لانه اهبطهما مِنْهَا وَهَذَا قَول الْحسن الثَّانِي انها فِي الارض لانه امتحنهما فِيهَا بِالنَّهْي عَن الشَّجَرَة الَّتِي نهيا عَنْهَا دون غَيرهَا من الثِّمَار وَهَذَا قَول ابْن يحيى وَكَانَ ذَلِك بعد ان أَمر ابليس بِالسُّجُود لادم وَالله اعْلَم بصواب ذَلِك هَذَا كَلَامه وَقَالَ ابْن الْخَطِيب فِي تَفْسِيره اخْتلفُوا فِي ان الْجنَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الاية هَل كَانَت فِي الارض اَوْ فِي السَّمَاء وَبِتَقْدِير انها كَانَت فِي السَّمَاء فَهَل هِيَ الْجنَّة الَّتِي هِيَ دَار الثَّوَاب وجنة الْخلد اَوْ جنَّة اخرى فَقَالَ ابو الْقَاسِم الْبَلْخِي وابو مُسلم الاصبهاني هَذِه الْجنَّة فِي الارض وحملا الاهباط على الِانْتِقَال من بقْعَة الى بقْعَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى اهبطوا مصرا القَوْل الثَّانِي وَهُوَ قَول الجبائي ان تِلْكَ كَانَت فِي السَّمَاء السَّابِعَة قَالَ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله اهبطوا ثمَّ ان الاهباط الاول كَانَ من السَّمَاء السَّابِعَة الى السَّمَاء الاولى والاهباط الثَّانِي كَانَ من السَّمَاء الى الارض وَالْقَوْل الثَّالِث وَهُوَ قَول جُمْهُور اصحابنا ان هَذِه الْجنَّة هِيَ دَار الثَّوَاب وَالدَّلِيل عليههو ان الالف وَاللَّام فِي لفظ الْجنَّة لَا يُفِيد الْعُمُوم لَان سُكْنى آدم جَمِيع الْجنان محَال فَلَا بُد من صرفهَا الى الْمَعْهُود السَّابِق وَالْجنَّة الْمَعْهُودَة الْمَعْلُومَة بَين الْمُسلمين هِيَ دَار الثَّوَاب فَوَجَبَ صرف اللَّفْظ اليها قَالَ وَالْقَوْل الرَّابِع ان الْكل مُمكن والادلة النقلية ضَعِيفَة ومتعارضة فَوَجَبَ التَّوَقُّف وَترك الْقطع

الصفحة 20