كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

عَلَيْكُم قَالُوا وَعَلَيْك السَّلَام ثمَّ رَجَعَ الى ربه فَقَالَ ان هَذِه تحيتك وتحية بنيك بَينهم فَقَالَ الله لَهُ ويداه مقبوضتان اختر ايتهما شِئْت فَقَالَ اخْتَرْت يَمِين رَبِّي كلتا يَدي رَبِّي يَمِين مباركة ثمَّ بسطها فَإِذا فِيهَا آدم وَذريته قَالَ أَي رب مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ ذريتك فَإِذا كل إِنْسَان مَكْتُوب عمره بَين عَيْنَيْهِ فَإِذا رجل اضوؤهم اَوْ من اضوئهم قَالَ يَا رب من هَذَا قَالَ هَذَا ابْنك دَاوُد وَقد كتبت لَهُ عمرا اربعين سنة قَالَ يَا رب زد فِي عمره قَالَ ذَاك الَّذِي كتبت لَهُ قَالَ أَي رب فَإِنِّي قد جعلت لَهُ من عمري سِتِّينَ سنة قَالَ أَنْت وَذَاكَ قَالَ ثمَّ اسكن الْجنَّة مَا شَاءَ الله ثمَّ اهبط مِنْهَا وَكَانَ آدم يعد لنَفسِهِ فَأَتَاهُ ملك الْمَوْت فَقَالَ لَهُ آدم قد عجلت الْيَسْ قد كتبت لي الف سنة قَالَ بلَى وَلَكِنَّك جعلت لابنك دَاوُد سِتِّينَ سنة فَجحد فَجحدت ذُريَّته ونسى فنسيت ذُريَّته قَالَ فَمن يَوْمئِذٍ امْر بِالْكتاب وَالشُّهُود هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب م هَذَا الْوَجْه وروى من غير وَجه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي قَالُوا فَهَذَا صَرِيح فِي أَن آدم لم يكن مخلوقا فِي دَار الْخلد الَّتِي لَا يَمُوت من دَخلهَا وَإِنَّمَا خلق فِي دَار الفناء الَّتِي جعل الله لَهَا ولأهلها اجلا مَعْلُوما وفيهَا اسكن فَإِن قيل فَإِذا كَانَ آدم قد علم ان لَهُ عمرا يَنْتَهِي اليه وَأَنه لَيْسَ من الخالدين فَكيف لم يكذب ابليس وَيعلم بطلَان قَوْله حَيْثُ قَالَ لَهُ هَل ادلك على شَجَرَة الْخلد وَملك لَا يبْلى بل جوز ذَلِك واكل من الشَّجَرَة طَمَعا فِي الْخلد فَالْجَوَاب مَا تقدم من الْوَجْهَيْنِ اما ان يكون المُرَاد بالخلد الْمكْث الطَّوِيل الى أَبَد الابد اَوْ يكون عدوه ابليس لماقاسمه وزوجه وَغَيرهمَا واطمعهما بدوامهما فِي الْجنَّة نسى مَا قدر لَهُ من عمره قَالُوا والمعول عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الارض خَليفَة وَهَذَا الْخَلِيفَة هُوَ آدم بِاتِّفَاق النَّاس وَلما عجبت الْمَلَائِكَة من ذَلِك وَقَالُوا اتجعل فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك عرفهم سُبْحَانَهُ ان هَذَا الْخَلِيفَة الَّذِي هوجاعله فِي الارض لَيْسَ حَاله كَمَا توهمتم من الْفساد بل اعلمه من علمي مَالا تعلمونه فأظهر من فَضله وشرفه بِأَن علمه الاسماء كلهَا ثمَّ عرضهمْ على الْمَلَائِكَة فَلم يعرفوها وَقَالُوا سُبْحَانَكَ لَا علم لنا الا مَا علمتنا انك انت الْعَلِيم الْحَكِيم وَهَذَا يدل على ان هَذَا الْخَلِيفَة الَّذِي سبق بِهِ اخبار الرب تَعَالَى لملائكته وَأظْهر تَعَالَى فَضله وشرفه وأعلمه بِمَا لم تعلمه الْمَلَائِكَة وَهُوَ خَليفَة مجعول فِي الارض لَا فَوق السَّمَاء فَإِن قيل قَوْله تَعَالَى اني جَاعل فِي الارض خَليفَة إِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى سأجعله فِي الارض فَهِيَ مآله ومصيره وَهَذَا لَا يُنَافِي ان يكون فِي جنَّة الْخلد فَوق السَّمَاء اولا ثمَّ يصير الى الارض للخلافة الَّتِي جعلهَا الله لَهُ وَاسم الْفَاعِل هُنَا بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال وَلِهَذَا انتصب عَنهُ الْمَفْعُول فَالْجَوَاب ان الله سُبْحَانَهُ اعْلَم مَلَائكَته بانه يخلقه لخلافة الارض لَا لسكنى جنَّة الخلود وَخَبره الصدْق وَقَوله الْحق وَقد علمت الْمَلَائِكَة

الصفحة 26