كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

وَصَلَاح الْقُوَّة العملية بِعَمَل الصَّالِحَات وتكميله غَيره بتعليمه اياه وَصَبره عَلَيْهِ وتوصيته بِالصبرِ على الْعلم وَالْعَمَل فَهَذِهِ السُّورَة على اختصارها هِيَ من اجْمَعْ سور الْقُرْآن للخير بحذافيره وَالْحَمْد لله الَّذِي جعل كِتَابه كَافِيا عَن كل مَا سواهُ شافيا من كل دَاء هاديا الى كل خير الْوَجْه السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ انه سُبْحَانَهُ ذكر فَضله ومنته على انبيائه وَرُسُله واوليائه وعباده بِمَا آتَاهُم من الْعلم فَذكر نعْمَته على خَاتم انبيائه وَرُسُله بقوله وَأنزل الله عَلَيْك الْكتاب وَالْحكمَة وعلمك مَا لم تكن تعلم وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما وَقد تقدّمت هَذِه الاية وَقَالَ فِي يُوسُف وَلما بلغ اشده آتيناه حكما وعلما وَكَذَلِكَ تجزى الْمُحْسِنِينَ وَقَالَ فِي كليمه مُوسَى وَلما بلغ اشده واستوى آتيناه حكما وعلما وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ وَلما كَانَ الَّذِي آتَاهُ مُوسَى من ذَلِك أمرا عَظِيما خصّه بِهِ على غَيره وَلَا يثبت لَهُ إِلَّا الأقوياء أولو الْعَزْم هيأه لَهُ بعد أَن بلغ أشده واستوى يَعْنِي تمّ كلمت قوته وَقَالَ فِي حق الْمَسِيح يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك إِذْ ايدتك بِروح الْقُدس تكلم النَّاس فِي المهد وكهلا وَإِذ علمتك الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة والانجيل وَقَالَ فِي حَقه ويعلمه الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة والانجيل فَجعل تَعْلِيمه مِمَّا بشر بِهِ امهِ واقر عينهَا بِهِ وَقَالَ فِي حق دَاوُد وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب وَقَالَ فِي حق الْخضر صَاحب مُوسَى وفتاه فوجدا عبدا من عبادنَا آتيناه رَحْمَة من عندنَا وعلمناه من لدنا علما فَذكر من نعمه عَلَيْهِ تَعْلِيمه وَمَا آتَاهُ من رَحمته وَقَالَ تَعَالَى يذكر نعْمَته على دَاوُد وَسليمَان وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين ففهمناها سُلَيْمَان وكلا آتَيْنَا حكما وعلما فَذكر النَّبِيين الكريمين وَأثْنى عَلَيْهِمَا بالحكم وَالْعلم وَخص بفهم الْقَضِيَّة احدهما وَقد ذكرت الْحكمَيْنِ الداوودي والسليماني ووجههما وَمن صَار من الائمة الى هَذَا وَمن صَار الى هَذَا وترجيح الحكم السُّلَيْمَانِي من عدَّة وُجُوه وموافقته للْقِيَاس وقواعد الشَّرْع فِي كتاب الِاجْتِهَاد والتقليد وَقَالَ تَعَالَى قل من انْزِلْ الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نورا وَهدى للنَّاس تجعلونه قَرَاطِيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم مَا لم تعلمُوا انتم وَلَا آباؤكم قل الله يَعْنِي الَّذِي انزله جعل سُبْحَانَهُ تعليمهم مَا لم يعلمُوا هم وَلَا آباؤهم دَلِيلا على صِحَة النُّبُوَّة والرسالة إِذْ لَا ينَال هَذَا الْعلم إِلَّا من جِهَة الرُّسُل فَكيف يَقُولُونَ مَا أنزل الله على بشر من شَيْء وَهَذَا من فضل الْعلم وشرفه وَأَنه دَلِيل على صِحَة النُّبُوَّة والرسالة وَالله الْمُوفق للرشاد وَقَالَ تَعَالَى لقد من الله على الْمُؤمنِينَ إِذْ بعث فيهم رَسُولا من انفسهم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين وَقَالَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي بعث فِي الاميين رَسُولا مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة وان كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم

الصفحة 57