كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

فبذله للنَّاس وَلم يَأْخُذ عَلَيْهِ صفدا وَلم يشتر بِهِ ثمنا اولئك يصلى عَلَيْهِم طير السَّمَاء وحيتان الْبَحْر ودواب الارض والكرام الكاتبون وَرجل آتَاهُ الله علما فضن بِهِ عَن عباده واخذ بِهِ صفدا وَاشْترى بِهِ ثمنا فَذَلِك ياتي يَوْم الْقِيَامَة يلجم بلجام من نَار ذكره ابْن عبد الْبر مَرْفُوعا وَفِي رَفعه نظر وَقَوله ان الله وَمَلَائِكَته واهل السَّمَوَات والارض يصلونَ على معلم النَّاس الْخَيْر لما كَانَ تَعْلِيمه للنَّاس الْخَيْر سَببا لنجاتهم وسعادتهم وَزَكَاة نُفُوسهم جازاه الله من جنس عمله بَان جعل عَلَيْهِ من صلَاته وَصَلَاة مَلَائكَته واهل الارض مَا يكون سَببا لنجاته وسعادته وفلاحه وايضا فَإِن معلم النَّاس الْخَيْر لما كَانَ مظْهرا لدين الرب واحكامه ومعرفا لَهُم بأسمائه وَصِفَاته جعل الله من صلَاته وَصَلَاة أهل سمواته وأرضه عَلَيْهِ مَا يكون تنويها بِهِ وتشريفا لَهُ وإظهارا للثناء عَلَيْهِ بَين اهل السماءوالارض الْوَجْه السَّابِع والاربعون مَا رَوَاهُ ابو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابي الدَّرْدَاء رضى الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول من سلك طَرِيقا يَبْتَغِي فِيهِ علما سلك الله بِهِ طَرِيقا الى الْجنَّة وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع اجنحتها رضَا لطَالب الْعلم وان الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الارض حَتَّى الْحيتَان فِي المَاء وَفضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر على سَائِر الْكَوَاكِب ان الْعلمَاء وَرَثَة الانبياء ان الانبياء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن اخذه اخذ بحظ وافر وَقد رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن خَالِد بن يزِيد عَن عُثْمَان ابْن ايمن عَن ابي الدَّرْدَاء قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول من غَدا لعلم يتعلمه فتح الله لَهُ بِهِ طَرِيقا الى الْجنَّة وفرشت لَهُ الْمَلَائِكَة اكنافها وصلت عَلَيْهِ مَلَائِكَة السَّمَاء وحيتان الْبَحْر وللعالم من الْفضل على العابد كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب وَالْعُلَمَاء وَرَثَة الانبياء ان الانبياء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن اخذ بِالْعلمِ اخذ بحظ وافر وَمَوْت الْعَالم مُصِيبَة لَا تجبر وثلمة نسد وَنجم طمس وَمَوْت قَبيلَة ايسر من موت عَالم وَهَذَا حَدِيث حسن وَالطَّرِيق الَّتِي يسلكها الى الْجنَّة جَزَاء على سلوكه فِي الدُّنْيَا طَرِيق الْعلم الموصلة الى رضَا ربه وَوضع الْمَلَائِكَة اجنحتها لَهُ تواضعا لَهُ وتوقيرا وإكراما لما يحملهُ من مِيرَاث النُّبُوَّة ويطلبه وَهُوَ يدل على الْمحبَّة والتعظيم فَمن محبَّة الْمَلَائِكَة لَهُ وتعظيمه تضع اجنحتها لَهُ لِأَنَّهُ طَالب لما بِهِ حَيَاة الْعَالم ونجاته فَفِيهِ شبه من الْمَلَائِكَة وَبَينه وَبينهمْ تناسب فان الْمَلَائِكَة انصح خلق الله وانفعهم لبني آدم وعَلى ايديهم حصل لَهُم كل سَعَادَة وَعلم وَهدى وَمن نفعهم لبني آدم ونصحهم انهم يَسْتَغْفِرُونَ لمسيئهم ويثنون على مؤمنيهم ويعينونهم على اعدائهم من الشَّيَاطِين ويحرصون على مصَالح العَبْد اضعاف حرصه على مصلحَة نَفسه بل يُرِيدُونَ لَهُ من خير الدُّنْيَا والاخرة مَا لَا يُريدهُ العَبْد وَلَا يخْطر بِبَالِهِ كَمَا قَالَ بعض التَّابِعين وجدنَا الْمَلَائِكَة انصح خلق الله لِعِبَادِهِ وَوجدنَا الشَّيَاطِين اغش الْخلق للعباد وَقَالَ تَعَالَى الَّذين يحملون

الصفحة 63