كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

الْعَرْش وَمن حوله يسبحون بِحَمْد رَبهم ويؤمنون بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا رَبنَا وسعت كل شَيْء رَحْمَة وعلما فَاغْفِر للَّذين تَابُوا وَاتبعُوا سَبِيلك وقهم عَذَاب الْجَحِيم رَبنَا وادخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم وَمن صلح من آبَائِهِم وازواجهم وذرياتهم إِنَّك انت الْعَزِيز الْحَكِيم وقهم السَّيِّئَات وَمن تق السَّيِّئَات يَوْمئِذٍ فقد رَحمته وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم فَأَي نصح للعباد مثل هَذَا الا نصح الانبياء فَإِذا طلب العَبْد الْعلم فقد سعى فِي اعظم مَا ينصح بِهِ عباد الله فَلذَلِك تحبه الْمَلَائِكَة وتعظمه حَتَّى تضع اجنحتها لَهُ رضَا ومحبة وتعظيما وَقَالَ ابو حَاتِم الرَّازِيّ سَمِعت ابْن ابي اويس يَقُول سَمِعت مَالك بن انس يَقُول معنى قَول رَسُول الله تضع اجنحتها يَعْنِي تبسطها بِالدُّعَاءِ لطَالب الْعلم بَدَلا من الايدي وَقَالَ احْمَد بن مَرْوَان الْمَالِكِي فِي كتاب المجالسة لَهُ حَدثنَا زَكَرِيَّا بن عبد الرَّحْمَن الْبَصْرِيّ قَالَ سَمِعت احْمَد بن شُعَيْب يَقُول كُنَّا عِنْد بعض الْمُحدثين بِالْبَصْرَةِ فحدثنا بِحَدِيث النَّبِي ان الْمَلَائِكَة لتَضَع اجنحتها لطَالب الْعلم وَفِي الْمجْلس مَعنا رجل من الْمُعْتَزلَة فَجعل يستهزئ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ وَالله لاطرقن غَدا نَعْلي بمسامير فأطأ بهَا أَجْنِحَة الْمَلَائِكَة فَفعل وَمَشى فِي النَّعْلَيْنِ فجفت رِجْلَاهُ جَمِيعًا وَوَقعت فيهمَا الاكلة وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ سَمِعت أَبَا يحيى زَكَرِيَّا بن يحيى السَّاجِي قَالَ كُنَّا نمشي فِي بعض ازقة الْبَصْرَة إِلَى بَاب بعض الْمُحدثين فاسرعنا الْمَشْي وَكَانَ مَعنا رجل ماجن مِنْهُم فِي دينه فَقَالَ ارْفَعُوا ارجلكم عَن اجنحة الْمَلَائِكَة لاتكسروها كالمستهزيء فَمَا زَالَ من مَوْضِعه حَتَّى جَفتْ رِجْلَاهُ وَسقط وَفِي السّنَن وَالْمَسَانِيد من حَدِيث صَفْوَان ابْن عَسَّال بعسال قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنِّي جِئْت أطلب الْعلم قَالَ مرْحَبًا بطالب الْعلم إِن طَالب الْعلم لتحف بِهِ الْمَلَائِكَة وتظله بأجنحتها فيركب بَعضهم بَعْضًا حَتَّى تبلغ السَّمَاء الدنيامن حبهم لما يطْلب وَذكر حَدِيث الْمسْح على الْخُفَّيْنِ قَالَ ابوعبد الله الْحَاكِم اسناده صَحِيح وَقَالَ ابْن عبد الْبر هُوَ حَدِيث صَحِيح حسن ثَابت مَحْفُوظ مَرْفُوع وَمثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فَفِي هَذَا الحَدِيث حف الْمَلَائِكَة لَهُ بأجنحتها الى السَّمَاء وَفِي الاول وَضعهَا اجنحتها لَهُ فالوضع تواضع وتوقير وتبجيل والحف بالاجنحة حفظ وحماية وصيانة فتضمن الحديثان تَعْظِيم الْمَلَائِكَة لَهُ وحبها اياه وحياطته وَحفظه فَلَو لم يكن لطَالب الْعلم إِلَّا هَذَا الْحَظ الجزيل لكفى بِهِ شرفا وفضلا وَقَوله ان الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الارض حَتَّى الْحيتَان فِي المَاء فَإِنَّهُ لما كَانَ الْعَالم سَببا فِي حُصُول الْعلم الَّذِي بِهِ نجاة النُّفُوس من أَنْوَاع المهلكات وَكَانَ سَعْيه مفصورا على هَذَا وَكَانَت نجاة الْعباد على يَدَيْهِ جوزي من جنس عمله وَجعل من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض ساعيا فِي نجاته من اسباب الهلكات باستغفارهم لَهُ وَإِذا كَانَت الْمَلَائِكَة تستغفر للؤمنين فَكيف لَا تستغفر لخاصتهم وخلاصتهم وَقد قيل ان من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الارض المستغفرين

الصفحة 64