كتاب مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (اسم الجزء: 1)

عَابِد وَلِهَذَا الحَدِيث عِلّة وَهُوَ انه روى من كَلَام ابي هُرَيْرَة وَهُوَ اشبه رَوَاهُ همام بن يحيى حَدثنَا يزِيد بن عِيَاض حَدثنَا صَفْوَان بن سليم عَن سُلَيْمَان عَن يسَار عَن ابي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله مَا عبد الله بِشَيْء افضل من فقه فِي الدّين قَالَ وَقَالَ ابو هُرَيْرَة لَان افقه سَاعَة احب الي من ان احيي لَيْلَة اصليها حَتَّى اصبح والفقيه اشد على الشَّيْطَان من ألف عَابِد وَلكُل شَيْء دعامة ودعامة الدّين الْفِقْه وَقد روى باسناد فِيهِ من لَا يحْتَج بِهِ من حَدِيث عَاصِم بن ابي النجودعن زر بن حُبَيْش عَن عمر بن الْخطاب يرفعهُ ان الْفَقِيه اشد على الشَّيْطَان من الف ورع وَألف مُجْتَهد والف متعبد وَقَالَ الْمُزنِيّ روى عَن ابْن عَبَّاس انه قَالَ ان الشَّيَاطِين قَالُوا لابليس يَا سيدنَا مالنا نرَاك تفرح بِمَوْت الْعَالم مَالا تفرح بِمَوْت العابد والعالم لَا نصيب مِنْهُ وَالْعَابِد نصيب مِنْهُ قَالَ انْطَلقُوا فَانْطَلقُوا الى عَابِد فاتوه فِي عِبَادَته فَقَالُوا إِنَّا نُرِيد ان نَسْأَلك فَانْصَرف فَقَالَ ابليس هَل يقدر رَبك ان يَجْعَل الدُّنْيَا فِي جَوف بَيْضَة فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ اترونه كفر فِي سَاعَة ثمَّ جاؤوا الى عَالم فِي حلقته يضْحك اصحابه ويحدثهم فَقَالُوا إِنَّا نُرِيد ان نَسْأَلك فَقَالَ سل فَقَالَ هَل يقدر رَبك ان يَجْعَل الدُّنْيَا فِي جَوف بَيْضَة قَالَ نعم قَالُوا كَيفَ قَالَ يَقُول كن فَيكون فَقَالَ أَتَرَوْنَ ذَلِك لَا يعدو نَفسه وَهَذَا يفْسد على عَالما كثيرا وَقد رويت هَذِه الْحِكَايَة على وَجه آخر وَإِنَّهُم سَأَلُوا العابد فَقَالُوا هَل يقدر رَبك أَن يخلق مثل نَفسه فَقَالَ لاادري فَقَالَ اترونه لم تَنْفَعهُ عِبَادَته مَعَ جَهله وسألوا عَن ذَلِك فَقَالَ هَذِه الْمَسْأَلَة محَال لِأَنَّهُ لَو كَانَ مثله لم يكن مخلوقا فكونه مخلوقا وَهُوَ مثل نَفسه مُسْتَحِيل فَإِذا كَانَ مخلوقا لم يكن مثله بل كَانَ عبدا من عبيده وخلقا من خلقه فَقَالَ أَتَرَوْنَ ذَلِك اترون هَذَا يهدم فِي سَاعَة مَا ابنيه فِي سِنِين اوكما قَالَ وروى عَن عبد الله بن عَمْرو فضل الْعَالم على العابد سبعين دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ حضر الْفرس سبعين عَاما وَذَلِكَ ان الشَّيْطَان يضع الْبِدْعَة فيبصرها الْعَالم وَينْهى عَنْهَا وَالْعَابِد مقبل على عبَادَة ربه لَا يتَوَجَّه لَهَا وَلَا يعرفهَا وَهَذَا مَعْنَاهُ صَحِيح فَإِن الْعَالم يفْسد على الشَّيْطَان مَا يسْعَى فِيهِ ويهدم مَا يبنيه فَكل مَا أَرَادَ إحْيَاء بِدعَة وإماتة سنة حَال الْعَالم بَينه وَبَين ذَلِك فَلَا شَيْء اشد عَلَيْهِ من بَقَاء الْعَالم بَين ظهراني الامة وَلَا شَيْء احب اليه من زَوَاله من بَين اظهرهم ليتَمَكَّن من إِفْسَاد الدّين وإغواء الامة وَأما العابد فغايته ان يجاهده ليسلم مِنْهُ فِي خَاصَّة نَفسه وهيهات لَهُ ذَلِك الْوَجْه التَّاسِع والاربعون مَا روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول الدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا ذكر الله وَمَا وَالَاهُ وعالم ومتعلم قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن وَلما كَانَت الدُّنْيَا حقيرة عِنْد الله لاتساوي لَدَيْهِ جنَاح بعوضة كَانَت وَمَا فِيهَا فِي غَايَة الْبعد مِنْهُ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَة اللَّعْنَة وَهُوَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا خلقهَا مزرعة للآخرة ومعبرا اليها يتزود مِنْهَا عبَادَة اليه فَلم يكن يقرب مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ متضمنا

الصفحة 69