سجنه وهرب، فكتب إليه: لو علمت أنك تبقى ما فعلت، ولكنك مسموم، ولم أكن لأضع يدي في يد إبن عاتكه1. فقال عمر: اللهم إنه قد هاضني فهضه. فهذا معناه.
وقوله: "فكلكم ورم أنفه"، يقول: امتلأ من ذلك غضباً، وذكر أنفه دون السائر كما بقال: فلان شامخ بأنفه، يريد رافع، وهذا يكون من الغضب كما قال الشاعر:
ولا يهاج إذا ما أنفه ورما
أي لايكلم عند الغضب، ويقال للمائل برأسه كبرا: متشاوس، وثاني عطفه، وثاني جيده، إنما هذا كله من الكبرياء. قال الله عز وجل: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} 2: وقال الشامخ3:
نبئت أن ربيعاً أن رعى إبلاً ... يهدي إلي خناه ثاني الجيد
وقوله: "أراك بارئاً يا خليفة رسول الله"4 يكون من برئت من المرض وبرأت، كلاهما يقال: فمن قال برئت يقول: أبرأ5 يافتى لا غير، ومن قال: برأت قال في المضارع: أبرأ وأبرؤ، يا فتى، مثل فرغ ويفرغ. والآية تقرأ على وجهين: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} 6، الرحمن: 31، و {سَنَفْرُغُ} : والمصدر فيهما" البرء" يا فتى.
__________
1 زيادات ر: "هو يزيد بن عبد الملك بن مروان، وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية، ولى الملك بعد عمر بن عبد العزيز، ولا يعلم أحد أعرق في الخلافة منه".
2 سورة الحج9.
3 زيادات ر: "يهجو الربيع بن علياء السلمى".
4 ر، س: "يا خليفة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
5 ر، س: "قال".
6 الرحمن 31.
عهد أبي بكر بالخلافة إلى عمر
ومما روي لنا عنه رضي الله عنه حيث عهد عند موته وهو: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر خليفة محمد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عند آخر عهده بالدنيا، وأول عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيها الكافر، ويتقي فيها الفاجر. إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فإن بر وعدل