كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 1)
وقال محمد بن عبد الحكم: يعطى من الصدقة في الكراع والسلاح، وما يحتاج إليه من آلات الحرب وكف العدو عن الحوزة؟ لأنه كله من سبيل الغزو ومنفعته، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة مائة ناقة في نازلة سهل بن حثمة إطفاء للثائرة (¬1) اهـ.
وقال الجصاص: قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (¬2) روى ابن أبي ليلى عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو رجل له جار مسكين تصدق عليه فأهدى له (¬3) » واختلف الفقهاء في ذلك: فقال قائلون: هي للمجاهدين الأغنياء منهم والفقراء، وهو قول الشافعي.
وقال الشافعي: لا يعطى منها إلا الفقراء منهم ولا يعطى الأغنياء من المجاهدين فإن أعطوا ملكوها وأجزأ المعطي وإن لم يصرفه في سبيل الله، لأن شرطها تمليكه، وقد حصل لمن هذه صفته فأجزأ، وقد روي «أن عمر تصدق بفرس في سبيل الله فوجده يباع بعد ذلك فأراد أن يشتريه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعد في صدقتك (¬4) » فلم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم المحمول على الفرس من بيعها ... إلى أن قال:
وروي عن أبي يوسف فيمن أوصى بثلث مآله في سبيل الله أنه للفقراء الغزاة.
فإن قيل: فقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم لأغنياء الغزاة أخذ الصدقة بقوله: «لا تحل
¬__________
(¬1) [أحكام القرآن] ، (1 \ 396، 397) الطبعة الأولى] ، عام 1331 هـ.
(¬2) سورة التوبة الآية 60
(¬3) سنن أبو داود الزكاة (1635) ، سنن ابن ماجه الزكاة (1841) ، مسند أحمد بن حنبل (3/56) ، موطأ مالك الزكاة (604) .
(¬4) صحيح البخاري الزكاة (1489) ، صحيح مسلم الهبات (1620) ، سنن الترمذي الزكاة (668) ، سنن النسائي الزكاة (2617) ، سنن أبو داود الزكاة (1593) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2392) ، مسند أحمد بن حنبل (2/55) ، موطأ مالك الزكاة (624) .
الصفحة 100
736