كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 1)
على أن في القول بسنديتها من الحرج والضيق وإيقاع الناس في مشقة عظيمة في معاملاتهم ما يتنافى مع المقتضيات الشرعية، لا سيما بعد أن عم التعامل بهذه الأوراق بين الشعوب الإسلامية، وأصبحت هي العملة الوحيدة الرائجة السائدة، وما عداها من أنواع النقود فقد كاد ترك استعمالها وسيطا للتبادل يسلبها صفة النقد وأحكامه.
ومن الأصول العامة في الشريعة الإسلامية أن الأمر الذي لم ينص على حكمه إذا دار بين ما يقتضي التشديد على الناس وما يقتضي التخفيف عليهم في عباداتهم ومعاملاتهم ترجح جانب التخفيف على جانب التشديد {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬1) وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬2) وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} (¬3) وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك، ورواه البخاري وغيره عن أبي موسى الأشعري: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا (¬4) » ، ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه (¬5) » .
وفي لفظ: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه (¬6) » وفي الترمذي وغيره: «ما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما (¬7) » ،
¬__________
(¬1) سورة الحج الآية 78
(¬2) سورة البقرة الآية 185
(¬3) سورة النساء الآية 28
(¬4) صحيح مسلم الجهاد والسير (1732) ، سنن أبو داود الأدب (4835) ، مسند أحمد بن حنبل (4/412) .
(¬5) صحيح البخاري استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6927) ، صحيح مسلم السلام (2165) ، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2701) ، سنن الدارمي الرقاق (2794) .
(¬6) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2594) ، سنن أبو داود الأدب (4808) ، مسند أحمد بن حنبل (6/125) .
(¬7) صحيح البخاري الحدود (6786) ، صحيح مسلم الفضائل (2327) ، سنن أبو داود الأدب (4785) ، مسند أحمد بن حنبل (6/130) ، موطأ مالك الجامع (1671) .
الصفحة 65
736