كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 1)

مناقشة هذا القول:
هذا الرأي مبني على افتراض أن الأوراق النقدية مغطاة غطاء كاملا بذهب أو فضة، وحيث إن الواقع خلاف ذلك، وأن غالب الأوراق النقدية مجرد أوراق وثيقية قيمتها مستمدة من سن الدولة التعامل بها، وتلقي الناس إياها بالقبول، وأن القليل المغطى لا يلزم أن يعطى بالذهب أو الفضة؛ بل قد يغطى بغيرهما من عقار أو أوراق مالية من أسهم أو سندات لا تقدر قيمتها بذهب ولا فضة وإنما تقدر بعمل ورقية، فضلا عن الحرج والمشقة في القول بهذا الرأي في مسائل الصرف عند اشتراط المماثلة في الجنس، وذلك إذا صح ما قيل بانتفاء أي نقد ورقي غطاؤه فضة.
ويمكن أن يورد على هذا النقاش ما يلي:
إن رصيد الأوراق النقدية وإن كان مختلفا فبعضه ذهب أو فضة وآخر منه عقار أو أوراق مالية من أسهم وأسناد إلا أن ما كان منه عقارا أو أوراقا مالية لم يعتبر رصيدا بنفسه، وإنما اعتبر بما قدر به من العمل المتعامل بها سابقا في دولة الإصدار، ذهبا كانت أم فضة، وكذا ما كان أوراقا وثيقية عمادها التزام سلطة الإصدار ليست قيمتها من مجرد سن الدولة التعامل بها؛ لما سبق في بيان السبب الثاني من أسباب سر قابلية النقد وسيطا في التبادل وإنما كسبت الأوراق الوثيقية ثقة الناس بها وقبولهم إياها وسيطا في التعامل مع ملاءة سلطة الإصدار القائمة مقام الذهب أو الفضة مع سنها التعامل بها، فعاد الأمر إلى قيمة ما كان به مليئا من ذهب أو فضة أو ما يقدر بهما، وبذلك كان بعض الرصيد ذهبا أو فضة بالفعل، وبعضه الآخر في

الصفحة 74