كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 1)

المعاوضات كوسيط للتبادل، وأنها بذلك حلت محل الذهب والفضة في الثمنيه، وحيث أن السنة النبوية نصت على جريان الربا بنوعيه في الذهب والفضة، ونظرا إلى أن أهل العلم اختلفوا في تعيين علة لجريان الربا فيهما، نظرا إلى ذلك كله كان من المناسب أن يشتمل هذا البحث على بيان أقوال أهل العلم في علة الربا في النقدين ونقاش ما استند إليه كل قول مما يقبل النقاش.
لقد اختلف العلماء في تعليل تحريم الربا في النقدين الذهب والفضة: فمن نفى التعليل أو تعذر عليه إقامة دليل يرضاه لإثبات علة التحريم: قصر العلة فيهما مطلقا سواء كانا تبرا أو مسكوكين أو مصنوعين.
وهذا مذهب أهل الظاهر ونفاة القياس وابن عقيل من الحنابلة، حيث إنه يرى العلة فيهما ضعيفة لا يقاس عليها، فلا ربا عند هؤلاء في الفلوس ولا في الأوراق النقدية ولا في غيرها مما يعد نقدا، وتحريم الربا فيهما عندهم تعبدي، وأما غيرهم فقد استنبط مناطا تنضبط به قاعدة ما يجري فيه الربا إلا أتهم اختلفوا في تخريج المناط.
ويمكن حصر آرائهم في ثلاثة أقوال:
الأولى: يتلخص القول الأول في أن علة الربا في النقدين الوزن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن (¬1) » ، ولقوله: «الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل، والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل (¬2) »
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم برقم (1584) (77) وأبو داود برقم (3353) والنسائي في [المجتبى] ، برقم (5470) .
(¬2) أخرجه أحمد (2 \ 262) و (6 \ 19) ومسلم برقم (1588) (84) والنسائي في [المجتبى] ، برقم (4569) .

الصفحة 83