كتاب الكامل في التاريخ (اسم الجزء: 1)

وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الَّذِي ابْتَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَكَعْبٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُجَاهِدٌ: ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ يَوْمَ السَّبْتِ. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا خُلِقَ كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ الْخَلْقَ يَوْمَ الْأَحَدِ، فَخَلَقَ الْأَرَضِينَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْأَقْوَاتَ، وَالرَّوَاسِيَ فِي الثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ، فَفَرَغَ آخِرَ سَاعَةٍ مِنَ الْجُمُعَةِ فَخَلَقَ فِيهَا آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَتِلْكَ السَّاعَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا السَّاعَةُ.
وَمِثْلَهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ، إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا خَلْقَ آدَمَ، وَلَا السَّاعَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْضَ بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْحُوَهَا، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي هُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ الْبَيْتَ عَلَى الْمَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الدُّنْيَا بِأَلْفَيْ عَامٍ، ثُمَّ دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْبَيْتِ. وَمِثْلَهُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ.
وَرَوَى السُّدِّيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: 29] قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ

الصفحة 20