كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَنَقًا عَلَى سِبْطَيْنِ حَلّا يَثْرِبَا ... أَوْلَى لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ
وَذَكَرَ فِي الْقَصِيدَةِ ذَا الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ الصّعْبُ بْنُ ذِي مَرَاثِدَ، فَقَالَ فِيهِ:
وَلَقَدْ أَذَلّ الصّعْبُ صَعْبَ زَمَانِهِ ... وَأَنَاطَ عُرْوَةَ عِزّهُ بِالْفَرْقَدِ
لَمْ يَدْفَعْ الْمَقْدُورَ عَنْهُ قُوّةً ... عِنْدَ الْمَنُونِ، وَلَا سُمُوّ الْمَحْتِدِ
وَالصّنْعَةُ بَادِيَةٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَفِي أَكْثَرِ شِعْرِهِ، وَفِيهِ يَقُولُ:
فَأَتَى مَغَارَ الشّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا ... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطَ حَرْمَدِ «1»
وَالْخُلُبُ: الطّينُ، وَالثّأَطُ الْحَرْمَدُ: وَهُوَ الْحَمَأُ الْأَسْوَدُ، وَرَوَى نَقَلَةُ الْأَخْبَارِ أَنّ تُبّعًا لَمّا عَمِدَ إلَى الْبَيْتِ يُرِيدُ إخْرَابَهُ رُمِيَ بِدَاءِ تَمَخّضَ مِنْهُ رَأْسُهُ قَيْحًا وَصَدِيدًا يَثُجّ ثَجّا، وَأَنْتَنَ، حَتّى لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ قَيْدَ الرّمْحِ، وَقِيلَ:
بَلْ أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ رِيحٌ كَتّعَتْ مِنْهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَأَصَابَتْهُمْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ حَتّى دَفّتْ خَيْلُهُمْ «2» ، فَسُمّيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ: الدّفّ، فَدَعَا بِالْحُزَاةِ «3» وَالْأَطِبّاءِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ دَائِهِ، فَهَالَهُمْ مَا رَأَوْا مِنْهُ، وَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُمْ فَرَجًا. فَعِنْدَ ذلك قال له الحبران: لعلك هممت بشئ فِي أَمْرِ هَذَا الْبَيْتِ، فَقَالَ: نَعَمْ أَرَدْت هدمه.
__________
(1) القصيدة بطولها فى الطبرى ص 109 ج 2 المعارف وليس فيها «ولقد أذل الصعب» وما بعده. وهى ثلاثة وعشرون بيتا
(2) دف الشئ نسفه واستأصله.
(3) جمع حازى وهو الكاهن أو الذى ينظر فى النجوم ويقضى بها.

الصفحة 174