كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 1)

دِينَنَا، فَدَعَاهُمْ إلَى دِينِهِ وَقَالَ: إنّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِكُمْ، فَقَالُوا: فَحَاكِمْنَا إلَى النّارِ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَانَتْ بِالْيَمَنِ- فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْيَمَنِ- نَارٌ تَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، تَأْكُلُ الظّالِمَ وَلَا تَضُرّ الْمَظْلُومَ، فَخَرَجَ قَوْمُهُ بِأَوْثَانِهِمْ وَمَا يَتَقَرّبُونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ، وَخَرَجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقِهِمَا مُتَقَلّدَيْهَا، حَتّى قَعَدُوا لِلنّارِ عِنْدَ مَخْرَجِهَا الّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ، فَخَرَجَتْ النّارُ إلَيْهِمْ، فَلَمّا أَقْبَلَتْ نَحْوَهُمْ حَادُوا عَنْهَا وَهَابُوهَا، فَذَمَرَهُمْ مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ النّاسِ، وَأَمَرُوهُمْ بِالصّبْرِ لَهَا، فَصَبَرُوا حَتّى غَشِيَتْهُمْ، فَأَكَلَتْ الْأَوْثَانَ وَمَا قَرّبُوا مَعَهَا، وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ رِجَالِ حِمْيَرَ، وَخَرَجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَا فِي أَعْنَاقِهِمَا تعرق جباههما لم تضرّهما، فأصفقت عند ذاك حِمْيَرُ عَلَى دِينِهِ، فَمِنْ هُنَالِكَ، وَعَنْ ذَلِكَ كَانَ أَصْلُ الْيَهُودِيّةِ بِالْيَمَنِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ حَدّثَنِي مُحَدّثٌ أَنّ الْحَبْرَيْنِ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ حِمْيَرَ، إنّمَا اتّبَعُوا النّارَ، لِيَرُدّوهَا، وَقَالُوا: مَنْ رَدّهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَقّ، فَدَنَا مِنْهَا رِجَالٌ مِنْ حِمْيَرَ بِأَوْثَانِهِمْ، لِيَرُدّوهَا فَدَنَتْ مِنْهُمْ لِتَأْكُلَهُمْ، فَحَادُوا عَنْهَا وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا رَدّهَا، وَدَنَا مِنْهَا الْحَبْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَجَعَلَا يَتْلُوَانِ التّوْرَاةَ وَتَنْكُصُ عَنْهُمَا، حَتّى رَدّاهَا إلَى مَخْرَجِهَا الّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ، فَأُصْفِقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ حِمْيَرُ عَلَى دينهما.
والله أعلم أىّ ذلك كان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَالَ الزّبَيْرُ النّسّابَةُ: بَلْ أَوّلُ مَنْ كَسَاهَا الدّيباج عبد الله بن الزّبير «1» .
__________
(1) وذكر الواقدى أن أول من كساها الديباج هو يزيد بن معاوية، واتبع ابن الزبير أثره، وكان يبعث إلى مصعب بن الزبير بالكسوة كل سنة، فكان يكسو يوم عاشوراء.

الصفحة 181