كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 1)

لِمَاذَا أَتْقَنَ التّأْلِيفَ:
قَالَ الْمُؤَلّفُ أَبُو الْقَاسِمِ: قُلْت هَذَا؛ لِأَنّي كُنْت حِينَ شَرَعْت فِي إمْلَاءِ هَذَا الْكِتَابِ خُيّلَ إلَيّ أَنّ الْمَرَامَ عَسِيرٌ، فَجَعَلْت أَخْطُو خَطْوَ الْحَسِيرِ «1» ، وَأَنْهَضُ نَهْضَ الْبَرْقِ الْكَسِيرِ «2» ، وَقُلْت: كَيْفَ أَرِدُ مَشْرَعًا لَمْ يسبقنى إليه فارط «3» ، وأسلك سَبِيلًا لَمْ تُوطَأْ قَبْلِي بِخُفّ وَلَا حَافِرٍ، فبينا أنا أتردد تردد الحائر، إذ سنح لى هنا لك خَاطِرٌ: أَنّ هَذَا الْكِتَابَ سَيَرِدُ الْحَضْرَةَ الْعَلِيّةَ الْمُقَدّسَةَ الْإِمَامِيّةَ «4» ، وَأَنّ الْإِمَامَةَ سَتَلْحَظُهُ بِعَيْنِ الْقَبُولِ، وَأَنّهُ سَيُكْتَتَبُ لِلْخِزَانَةِ الْمُبَارَكَةِ- عَمّرَهَا اللهُ- بِحِفْظِهِ وَكِلَاءَتِهِ، وَأَمَدّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَأْيِيدِهِ وَرِعَايَتِهِ، فَيَنْتَظِمُ الْكِتَابُ بِسَلْكِ أَعْلَاقِهَا «5» ، وَيَتّسِقُ مَعَ تِلْكَ الْأَنْوَارِ فى مطالع إشراقها، فَعِنْدَ ذَلِكَ امْتَطَيْت صَهْوَةَ الْجِدّ، وَهَزَزْت نَبْعَةَ العزم «6» . ومريت أخلاف الحفظ «7» ،
__________
(1) حسر بصره حسارة: كل وانقطع من طول مدى، وما أشبه ذلك،
(2) البرق: الحمل وجمعه: أبراق، وبرقان «بضم الباء أو كسرها» وهو معرب: بره.
(3) المشرع: مورد الماء، والفارط: من يسبق القوم إلى الماء، ليهيئه ويعده.
(4) كناية عن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، وقد سبق الكلام عنه.
(5) جمع علق: وهو النفيس من الشئ
(6) أصل النّبعة؛ شجرة تتخذ منها القسى. ومن أغصانها السهام وهى تنبت فى قلة الجبل.
(7) مرى الشئ: استخرجه، ومريت الفرس بفتح الميم والراء: حملته على إبراز مقدرته على الجرى، ومرى الناقه: مسّ ضرعها، والأخلاف: جمع: خلف بكسر الخاء: حلمة الضّرع، وضرع الناقة.

الصفحة 34