كتاب العقد المنظوم في الخصوص والعموم (اسم الجزء: 1)

(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الصلاتين في السفر)، لا يقتضي العموم؛ لأن لفظ (كان) لا يفيد إلا تقدم الفعل، أما التكرار فلا، ومنهم من قال: إنه يفيد التكرار في العرف؛ لأنه لا يقال: فلان كان يتهجد بالليل إذا تهجد مرة واحدة في عمره.
قلت: العموم في هذه المسألة ليس هو على بابه، بل المراد التكرار في الزمن الماضي خاصة، أما الحال والمستقبل فلا سبيل إليه، وأصل (كان) أنها فعل ماض، والفعل الماضي إنما يدل على أصل مصدره مرة واحدة، أما الزيادة على ذلك فلا تعرض له بنفي ولا لإثبات، غير أن العرف خالف بين (كان) وغيرها من بين سائر الأفعال، فصارت لا تستعمل إلا حيث يكون التكرار واقعا في الزمن الماضي، ويصدق ذلك بأدنى رتب (التكرار) من غير إشعار برتبة معينة من التكرار وعدده، والإشعار/ بالاستغراق ألبتة، بل كثرة ذلك من حيث الجملة في أكثر من الماضي خاصة.
مسألة: إذا قال الراوي: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الشفق.

الصفحة 554