كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 1)

فإن قيل: إنما بطلت جمعته؛ لأن من شرطها الإمام، وقد عُدِم، وليس من شرط هذا الإمام.
قيل: لا فرق بينهما؛ لأن من شرط الجماعة إمام، وإذا عدم الإمام، بطلت الجماعة، وعلى أنه قد تصح الجمعة بغير إمام، وهو إذا كان مسبوقًا، فسلَّم إمامه، فإنه يتمها منفردًا.
واحتج المخالف: بما روى الشافعي (¬1)، وأبو داود (¬2) - رحمهما الله - بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار إلى الناس: أن امكثوا، ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - وعلى جلده أثرُ الماء (¬3)، ورُوي: ثم رجع وقد اغتسل (2).
¬__________
(¬1) في مسنده في كتاب: الإمامة، رقم (189 و 190).
(¬2) في سننه، كتاب: الطهارة، باب: في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ، رقم (234).
(¬3) أخرجه البخاري في كتاب: الغسل، وكتاب: الأذان، باب: إذا ذكر في المسجد أنه جنب، وباب: هل يخرج من المسجد لعلة؟ رقم (275 و 639)، ومسلم في كتاب: المساجد، باب: متى يقوم الناس للصلاة؟ رقم (605)، وليس فيه أنه بدأ في الصلاة كما أشار إليه ابن نصر المروزي في كتابه اختلاف الفقهاء ص 181، قال ابن حجر: (ويمكن الجمع بينهما يحمل قوله: "كبر" على: أراد أن يكبر، أو بأنهما واقعتان، أبداه عياض، والقرطبي احتمالًا، وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته، فإن ثبت، وإلا، فما في الصحيح أصح). ينظر الفتح (2/ 160).

الصفحة 490