كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 1)

ويحتمل أن يكون المراد به: اثبتوا ولا تنصرفوا.
فإن قيل: روي في خبر أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للناس: "مكانكم"، فلم يزالوا قيامًا ينتظرون حتى خرج.
قيل: يحتمل أنهم لم يزالوا قيامًا في غير صلاة ينتظرونه حتى خرج.
فإن قيل: روى الدارقطني بإسناده (¬1) عن أنس - رضي الله عنه -: أنه قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، فكبر وكبرنا معه، ثم أشار إلى القوم: كما أنتم، فلم نزل قيامًا حتى أتانا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد اغتسل ورأسُه يقطُر ماء (¬2).
قيل له: إن ثبت هذا الخبر، فلا دلالة فيه؛ لأنه لا خلاف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رجع، كَبَّر، وقد قال لهم: "إذا كبر الإمام، فكبروا" (¬3)، فلم يكونوا ليخالفوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيتركون التكبير عند تكبيره، فالظاهر من أمرهم: أنهم استأنفوا التكبير عند تكبير النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قيل: روى أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس جنبًا،
¬__________
(¬1) في السنن, باب: صلاة الإمام وهو جنب أو محدث، رقم (1362)، وأشار إلى الاختلاف في وصله.
(¬2) أخرجه البيهقي في الكبرى, كتاب: الصلاة، باب: إمامة الجنب، رقم (4071)، وأشار إلى رواية المرسل، قال ابن حجر في التلخيص (2/ 927): (اختلف في وصله وإرساله).
(¬3) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، رقم (733)، ومسلم في كتاب: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، رقم (411).

الصفحة 492