كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 1)

يقتضي المنع (¬1). وللشافعي - رحمه الله - قولان، قال به في الجديد: يجوز، وفي القديم: لا يجوز (¬2). دليلنا: ما روي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر - رضي الله عنه - في مرضه أن يصلي بالناس، فافتتح بهم الصلاة، ثم وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خفة، فخرج إلى المسجد وهو يُهادى بين اثنين، وتقدم وقعد بجنب أبي بكر - رضي الله عنه -، وصلى بالناس (¬3)، فصار أبو بكر - رضي الله عنه - مأمومًا بعد ما كان إمامًا، فدل هذا على جواز الصلاة بإمامين، وهذه قضية مشهورة، يأتي شرحها على الاستيفاء فيما بعد - إن شاء الله تعالى -.
فإن قيل: فإن أبا بكر - رضي الله عنه - صار مأمومًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إمامًا، فما الدليل على ذلك؟ قيل له: روي في الخبر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قعد عن يسار أبي بكر، فلو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مأمومًا، لوجب أن يجلس عن يمينه، ألا ترى أن ابن عباس - رضي الله عنهما - لما قام عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم -، أداره إلى يمينه (¬4)؟
¬__________
= وإلى الاستخلاف ذهبت المالكية. ينظر: المدونة (1/ 145)، والمعونة (1/ 213).
(¬1) ينظر: (1/ 500).
(¬2) ينظر: الأم (2/ 351)، والأوسط (4/ 242)، والبيان (2/ 611).
(¬3) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: من قام إلى جنب الإمام لعلة، رقم (683)، ومسلم في كتاب: الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، رقم (418).
(¬4) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء، رقم (697)، ومسلم في كتاب: الصلاة، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (763).

الصفحة 502