كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

١٨٧ - فأما {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} فإنه نزل في صِرْمَةَ بن أنس الأنصاري أكل بعد أن نام، وعمر بن الخطاب جامَع بعد أن نام، فخشيا أن ينزل فيهما، فنزلت الرخصة من أجلهما (¬١).
والصحيح من التفسير أنه شهر رمضان.

[هل كتب رمضان على من قبلنا؟ ]
فإن قال قائل: فهل كتب شهر رمضان على من كان قبلنا؟
قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك قد كُتب على إبراهيم صلوات اللَّه [عليه] (¬٢)، ألا ترى إلى قوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج: ٧٨]، وقد يجوز ألا يكون كُتِب على إبراهيم ولا على غيره شهرُ رمضان، ولكن كُتب عليهم صيامٌ، ثم قيل لنا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ١٨٣ - ١٨٤]، كما فرض على الذين من قبلكم، أيامًا معدودات وليست بعينها.
ثم جعل اللَّه الأيام التي علينا شهر رمضان، ألا تراه جل جلاله قال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: ٥٩]، ولم يخلق عيسى من تراب، وكان التشبيه في قوله: {كُنْ فَيَكُونُ} دون خلقه من تراب.
ثم قال عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والأُخَر غير معلومة، وحكمُها أن تكون عن (¬٣) معلومة.
---------------
(¬١) الآثار عن أبي صِرْمَة وعن عمر رواها ابن جرير (٢/ ١٧٠ - ١٧١) في تفسير قوله تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ. . .}.
(¬٢) ساقطة من الأصل.
(¬٣) كذا بالأصل، ولعلها: غير.

الصفحة 107